إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَقَالَ: دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - وَهُوَ قِدْحُهُ - فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ ﷺ الَّذِي نَعَتَهُ.
٣٦١١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ ﵁ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَانْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
[الحديث ٣٦١١ - أطرافه في: ٥٠٥٧، ٦٩٣٠]
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرى ذِي الْخُوَيْصِرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ طَرَفٌ مِنْهُ فِي قِصَّةِ عَادٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَلْتُ عَلَى شَرْحِهِ فِي الْمَغَازِي وَهُوَ فِي أَوَاخِرِهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُطَوَّلًا، وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: فَقَالَ عُمَرُ: ائْذَنْ لِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ: فَقَالَ خَالِدٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَأَلَ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ هُنَا: دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا لَيْسَتِ الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِتَعْقِيبِ الْأَخْبَارِ، وَالْحُجَّةُ لِذَلِكَ ظَاهِرَةٌ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ. وَقَوْلُهُ: (لَا يُجَاوِزُ)، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِكَوْنِهِ لَا تَفْقَهُهُ قُلُوبُهُمْ وَيَحْمِلُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمُرَادِ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ تِلَاوَتَهُمْ لَا تَرْتَفِعُ إِلَى اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: (يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ) إِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِسْلَامُ فَهُوَ حُجَّةٌ لِمَنْ يُكَفِّرُ الْخَوَارِجَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالدِّينِ الطَّاعَةَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ وَإِلَيْهِ جَنَحَ الْخَطَّابِيُّ. وَقَوْلُهُ: (الرَّمِيَّةُ) بِوَزْنِ فَعِيلَةٍ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ؛ وَهُوَ الصَّيْدُ الْمَرْمِيُّ، شَبَّهَ مُرُوقَهُمْ مِنَ الدِّينِ بِالسَّهْمِ الَّذِي يُصِيبُ الصَّيْدَ فَيَدْخُلُ فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ، وَمِنْ شِدَّةِ سُرْعَةِ خُرُوجِهِ لِقُوَّةِ الرَّامِي لَا يَعْلَقُ مِنْ جَسَدِ الصَّيْدِ شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ: (يَنْظُرُ فِي نَصْلِهِ)؛ أَيْ حَدِيدَةِ السَّهْمِ، وَرِصَافِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ فَاءٍ؛ أي عَصَبُهُ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ مَدْخَلِ النّ صْلِ، وَالرِّصَافُ جَمْعٌ وَاحِدُهُ رِصَفَةٌ بِحَرَكَاتٍ.
وَنَضِيِّهِ بِفَتْحِ النُّونِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا، وَبِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثَقِيلَةٌ، قَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِالْقِدْحِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ؛ أَيْ عُودُ السَّهْمِ قَبْلَ أَنْ يُرَاشَ وَيُنَصَّلَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ الرِّيشِ وَالنَّصْلِ؛ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: سُمِّيَ بِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute