للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْحُمَّى فَقَالَ: حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الطِّبِّ، وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ زِيَادَةٌ تَقْتَضِي إِيرَادَهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ شُرَحْبِيلَ وَالِدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمَا إِذَا أَبَيْتَ فَهِيَ كَمَا تَقُولُ قَضَاءُ اللَّهِ كَائِنٌ، فَمَا أَمْسَى مِنَ الْغَدِ إِلَّا مَيِّتًا. وَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يَظْهَرُ دُخُولُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَعَجِبْتُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ؛ كَيْفَ نَبَّهَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ وَأَغْفَلَهُ هُنَا! وَوَقَعَ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ أَنَّ اسْمَ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ قَيْسٌ، فَقَالَ فِي بَابِ الْأَمْرَاضِ وَالْعِلَلِ: دَخَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ يَعُودُهُ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَلَمْ أَرَ تَسْمِيَتَهُ لِغَيْرِهِ، فَهَذَا إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ غَيْرُ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَحَدِ الْمُخَضْرَمِينَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْقِصَّةِ مَاتَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقَيْسٌ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ ﷺ فِي حَالِ إِسْلَامِهِ فَلَا صُحْبَةَ لَهُ، وَلَكِنْ أَسْلَمَ فِي حَيَاتِهِ، وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ، وَعَاشَ بَعْدَهُ دَهْرًا طَوِيلًا.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي الَّذِي أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَدُفِنَ فَلَفَظَتْهُ الْأَرْضُ.

قَوْلُهُ: (كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ.

قَوْلُهُ: (فَعَادَ نَصْرَانِيًّا) فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ: فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَرَفَعُوهُ.

قَوْلُهُ: (مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: وكَانَ يَقُولُ: مَا أَرَى يُحْسِنُ مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ، وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ) فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ: فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: لَمَّا لَمْ يَرْضَ دِينَهُمْ.

قَوْلُهُ: (لَفِظَتْهُ الْأَرْضُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ؛ أَيْ طَرَحَتْهُ وَرَمَتْهُ، وَحُكِيَ فَتْحُ الْفَاءِ.

قَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: (فَأَلْقَوْهُ) فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ: فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا.

٣٦١٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

٣٦١٩ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَفَعَهُ قَالَ: "إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ وَذَكَرَ وَقَالَ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ".

الْحَدِيثُ الْأَرْبَعُونَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (كِسْرَى) بِكَسْرِ الْكَافِ، وَيَجُوزُ الْفَتْحُ. وَهُوَ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ مَمْلَكَةَ الْفُرْسِ، وَقَيْصَرُ لَقَبٌ لِكُلِّ مَنْ وَلِيَ مَمْلَكَةَ الرُّومِ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْكَسْرُ أَفْصَحُ فِي كِسْرَى، وَكَانَ أَبُو حَاتِمٍ يَخْتَارُهُ، وَأَنْكَرَ الزَّجَّاجُ الْكَسْرَ عَلَى ثَعْلَبٍ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النِّسْبَةَ إِلَيْهِ كَسْرَوِيٌّ بِالْفَتْحِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ فَارِسٍ بِأَنَّ النِّسْبَةَ قَدْ يُفْتَحُ فِيهَا مَا هُوَ فِي الْأَصْلِ مَكْسُورٌ أَوْ مَضْمُومٌ، كَمَا قَالُوا فِي بَنِي تَغْلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ تَغْلَبِيٌّ بِفَتْحِهَا، وَفِي سَلِمَةَ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى تَخْطِئَةِ الْكَسْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ؛ لِأَنَّ آخِرَهُمْ قُتِلَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ، وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ مَمْلَكَةِ الرُّومِ، وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ: لَا يَبْقَى كِسْرَى بِالْعِرَاقِ وَلَا قَيْصَرُ بِالشَّامِ، وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: وَسَبَبُ