عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَشْرُ سِنِينَ وَهَذَا أَرْجَحُهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي قِصَّةِ بِنْتِ حَمْزَةَ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصُّلْحِ وَفِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ مُطَوَّلًا، وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَغَازِي مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ.
أَوَّلُهَا: حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ فَتْحِ خَيْبَرَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْمَغَازِي.
ثَانِيهَا: حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي الْمَعْنَى وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا مَشْرُوحًا، وَقَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثَيْنِ: إِنَّ عَلِيًّا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرَادَ بِذَلِكَ وُجُودَ حَقِيقَةِ الْمَحَبَّةِ، وَإِلَّا فَكُلُّ مُسْلِمٍ يَشْتَرِكُ مَعَ عَلِيٍّ فِي مُطْلَقِ هَذِهِ الصِّفَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ تَلْمِيحٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ عَلِيًّا تَامُّ الِاتِّبَاعِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى اتَّصَفَ بِصِفَةِ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ، وَلِهَذَا كَانَتْ مَحَبَّتُهُ عَلَامَةَ الْإِيمَانِ وَبُغْضُهُ عَلَامَةَ النِّفَاقِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَفْسِهِ قَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ لَا يُحِبَّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَكَ إِلَّا مُنَافِقٌ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ.
(وَقَالَ عُمَرُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ) تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ مَوْصُولًا، وَكَانَتْ بَيْعَةُ عَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ عَقِبَ قَتْلِ عُثْمَانَ فِي أَوَائِلِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَكُلُّ مَنْ حَضَرَ، وَكَتَبَ بَيْعَتَهُ إِلَى الْآفَاقِ فَأَذْعَنُوا كُلُّهُمْ إِلَّا مُعَاوِيَةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ بَعْدُ مَا كَانَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ أَبُو حَازِمٍ سَلَمَةُ بْنُ دِينَارٍ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.
قَوْلُهُ: (هَذَا فُلَانٌ لِأَمِيرِ الْمَدِينَةِ) أَيْ عَنَى أَمِيرَ الْمَدِينَةِ، وَفُلَانٌ الْمَذْكُورُ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ صَرِيحًا، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: هَذَا فَكَانَ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ.
قَوْلُهُ: (يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ الْمِنْبَرِ، قَالَ: فَيَقُولُ مَاذَا) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ يَدْعُوكَ لِتَسُبَّ عَلِيًّا.
قَوْلُهُ: (وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ ﷺ يَعْنِي أَبَا تُرَابٍ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَطْعَمْتُ الْحَدِيثَ سَهْلًا) أَيْ سَأَلْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي، وَاسْتَعَارَ الِاسْتِطْعَامَ لِلْكَلَامِ لِجَامِعِ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الذَّوْقِ، لِلطَّعَامِ الذَّوْقُ الْحِسِّيُّ، وَلِلْكَلَامِ الذَّوْقُ الْمَعْنَوِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُ.
قَوْلُهُ: (أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: فِي الْمَسْجِدِ) فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي.
قَوْلُهُ: (وَخَلُصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ) أَيْ وَصَلَ، فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: حَتَّى تَخَلَّصَ ظَهْرُهُ إِلَى التُّرَابِ وَكَانَ نَامَ أَوَّلًا عَلَى مَكَانٍ لَا تُرَابَ فِيهِ ثُمَّ تَقَلَّبَ فَصَارَ ظَهْرُهُ عَلَى التُّرَابِ أَوْ سَفَى عَلَيْهِ التُّرَابُ.
قَوْلُهُ: (اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ. مَرَّتَيْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: نِمْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ فِي غَزْوَةِ الْعَسِيرَةِ فِي نَخْلٍ فَمَا أَفَقْنَا إِلَّا بِالنَّبِيِّ ﷺ يُحَرِّكُنَا بِرِجْلِهِ يَقُولُ لِعَلِيٍّ: قُمْ يَا أَبَا تُرَابٍ لِمَا يَرَى عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ خَاطَبَهُ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْكَائِنَةِ الْأُخْرَى.
وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَبَبَ غَضَبِ عَلِيٍّ كَانَ لِمَا آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ فَذَهَبَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَقَالَ فِي آخِرِهَا: قُمْ فَأَنْتَ أَخِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَعِنْدَ ابْنِ عَسَاكِرَ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَحَدِيثُ الْبَابِ أَصَحُّ، وَيَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ قِصَّةَ الْمُؤَاخَاةِ كَانَتْ أَوَّلَ مَا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ، وَتَزْوِيجُ عَلِيٍّ بِفَاطِمَةَ وَدُخُولُهُ عَلَيْهَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
رَابِعُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ) هُوَ ابْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، وَأَبُو حَصِينٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ) تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرَ عَنْ مَحَاسِنِ عَمَلِهِ) كَأَنَّهُ ضَمَّنَ ذَكَرَ مَعْنَى أَخْبَرَ فَعَدَّاهَا بِعَنْ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَذَكَرَ أَحْسَنَ عَمَلِهِ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ إِنْفَاقَهُ فِي جَيْشِ