وُهَيْبٍ - وَيُقَالُ أُهَيْبٌ - بْنُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ، يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ، وَعَدَدُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْآبَاءِ مُتَقَارِبٌ، وَأُمُّهُ حَمْنَةُ بِنْتُ سُفْيَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ لَمْ تُسْلِمْ، مَاتَ بِالْعَقِيقِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ: بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ، وَعَاشَ نَحْوًا مِنْ ثَمَانِينَ سَنَةً.
قَوْلُهُ: (جَمَعَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ) أَيْ فِي التَّفْدِيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَبَيَّنَهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ: مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ. وَفِي هَذَا الْحَصْرِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ ﷺ جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ عَلِيًّا ﵁ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ مُرَادُهُ بِذَلِكَ بِقَيْدِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ إِلَّا فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ أَحَدٌ قَبْلَهُ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا سَأَذْكُرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ) سَيَأْتِي الْقَوْلُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ) قَالَ ذَلِكَ بِحَسَبِ اطِّلَاعِهِ، وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ مَنْ كَانَ أَسْلَمَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ كَانَ يُخْفِي إِسْلَامَهُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ خَدِيجَةَ وَأَبَا بَكْرٍ، أَوِ النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ، وَقَدْ كَانَتْ خَدِيجَةُ أَسْلَمَتْ قَطْعًا فَلَعَلَّهُ خَصَّ الرِّجَالَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ الصِّدِّيقِ حَدِيثُ عَمَّارٍ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَمَا مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةُ أَعْبُدٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يُعَارِضُ حَدِيثَ سَعْدٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ، أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُ سَعْدٍ عَلَى الْأَحْرَارِ الْبَالِغِينَ لِيَخْرُجَ الْأَعْبُدُ الْمَذْكُورُونَ وَعَلِيٌّ ﵁، أَوْ لَمْ يَكُن أطلعه عَلَى أُولَئِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ، عَنْ هَاشِمٍ بِلَفْظِ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ قَبْلِي.
وَمِثْلُهُ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا مُقْتَضَى رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَهِيَ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهُ جَمَاعَةٌ، لَكِنْ يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى مَا كَانَ اتَّصَلَ بِعِلْمِهِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ رَأَيْتُ فِي الْمَعْرِفَةِ لِابْنِ مَنْدَهٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَدْرٍ عَنْ هَاشِمٍ بِلَفْظِ مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ وَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ يَوْمَ أَسْلَمَ، لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فَأَثْبَتَ فِيهِ إِلَّا كَبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى مَا قُلْتُهُ.
قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمٌ) وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ إِسْلَامِ سَعْدٍ مِنَ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَهُوَ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ هَذِهِ.
قَوْلُهُ: (إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى) كَانَ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ الْقِتَالُ فِيهَا أَوَّلَ حَرْبٍ وَقَعَتْ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ أَوَّلُ سَرِيَّةٍ بَعَثَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ، بَعَثَ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَابِغَ لِيَلْقَوْا عِيرًا لِقُرَيْشٍ فَتَرَامَوْا بِالسِّهَامِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مُسَايَفَةٌ، فَكَانَ سَعْدٌ أَوَّلَ مَنْ رَمَى، ذَكَرَ ذَلِكَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بِسَنَدٍ لَهُ وَقَالَ فِيهِ عَنْ سَعْدٍ إِنَّهُ أَنْشَدَ يَوْمَئِذٍ:
أَلَا هَلْ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي … حَمَيْتُ صَحَابَتِي بِصُدُورِ نَبْلِي
وَذَكَرَهَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَةِ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ نَحْوَهُ، وَابْنُ سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعْدٍ أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ، ثُمَّ خَرَجْنَا مَعَ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ سِتِّينَ رَاكِبًا.
قَوْلُهُ: (مَا لَهُ خِلْطٌ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَخْتَلِطُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ جَفَافِهِ وَتَفَتُّتِهِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ) أَيِ ابْنُ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ، وَكَانُوا مِمَّنْ شَكَاهُ لِعُمَرَ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ بَطَّالٍ أَنَّهُ عَرَّضَ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، فَإِنَّ عُمَرَ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ لَيْسَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. وَوَقَعَ عِنْدَ النَّوَوِيِّ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ