أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ.
[الحديث ٤٧٤٤ - طرفاه في: ٤٣٨٢، ٧٢٥٥]
٣٧٤٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِأَهْلِ نَجْرَانَ: لَأَبْعَثَنَّ - يَعْنِي عَلَيْكُمْ، يَعْنِي - أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَأَشْرَفَ أَصْحَابُهُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ ﵁.
[الحديث ٤٧٤٥ - طرفاه في: ٤٣٨٠، ٤٣٨١، ٧٣٥٤]
قَوْلُهُ: (بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ) كَذَا أَخَّرَ ذِكْرَهُ عَنْ إِخْوَانِهِ مِنَ الْعَشَرَةِ، وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ عَلَى تَرْجَمَةٍ لِمَنَاقِبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَلَا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمَا مِنَ الْعَشَرَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَفْرَدَ ذِكْرَ إِسْلَامِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ بِتَرْجَمَةٍ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَظُنُّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ النَّاقِلِينَ لِكِتَابِ الْبُخَارِيِّ، كَمَا تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّهُ تَرَكَ الْكِتَابَ مُسْوَدَّةً، فَإِنَّ أَسْمَاءَ مَنْ ذَكَرَهُمْ هُنَا لَمْ يَقَعْ فِيهِمْ مُرَاعَاةُ الْأَفْضَلِيَّةِ وَلَا السَّابِقِيَّةِ وَلَا الْأَسَنِّيَّةِ، وَهَذِهِ جِهَاتُ التَّقْدِيمِ فِي التَّرْتِيبِ، فَلَمَّا لَمْ يُرَاعِ وَاحِدًا مِنْهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَتَبَ كُلَّ تَرْجَمَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَضَمَّ بَعْضُ النَّقَلَةِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ حَسْبَمَا اتُّفِقَ.
وَأَبُو عُبَيْدَةَ اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أُهَيْبِ بْنِ ضَبَّةِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ، يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَدَدُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْآبَاءِ مُتَفَاوِتٌ جِدًّا بِخَمْسَةِ آبَاءٍ، فَيَكُونُ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ فِي دَرَجَةِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَدْخَلَ فِي نَسَبِهِ بَيْنَ الْجَرَّاحِ، وَهِلَالِ رَبِيعَةَ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا فِي دَرَجَةِ هَاشِمٍ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سُمَيْعٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ، وَأُمُّ أَبِي عُبَيْدَةَ هِيَ مِنْ بَنَاتِ عَمِّ أَبِيهِ، ذَكَرَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ وَقُتِلَ أَبُوهُ كَافِرًا يَوْمَ بَدْرٍ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبَ مُرْسَلًا، وَمَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الشَّامِ مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بِالطَّاعُونِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ بِاتِّفَاقٍ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْبَصْرِيُّ السَّامِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ مِنْ بَنِي سَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ، وَخَالِدٌ شَيْخُهُ هُوَ الْحَذَّاءُ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ) صُورَتُهُ صُورَةُ النِّدَاءِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ أَيْ أُمَّتُنَا مَخْصُوصُونَ مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ، وَالْأَمِينُ هُوَ الثِّقَةُ الرَّضِيُّ وَهَذِهِ الصِّفَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَكِنَّ السِّيَاقَ يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهُ مَزِيدًا فِي ذَلِكَ، لَكِنْ خَصَّ النَّبِيُّ ﷺ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْكِبَارِ بِفَضِيلَةٍ وَوَصَفَهُ بِهَا، فَأَشْعَرَ بِقَدْرٍ زَائِدٍ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ، كَالْحَيَاءِ لِعُثْمَانَ، وَالْقَضَاءِ لِعَلِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(تَنْبِيهٌ): أَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُطَوَّلًا وَأَوَّلُهُ: أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أُبَيٌّ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا الْحَدِيثُ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ قَالُوا: إِنَّ الصَّوَابَ فِي أَوَّلِهِ الْإِرْسَالُ وَالْمَوْصُولُ مِنْهُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ صِلَةٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ هُوَ ابْنُ زُفَرَ، وَذَكَرَ الْجَيَّانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ، صِلَةُ بْنُ حُذَيْفَةَ وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
قَوْلُهُ: (عَنْ حُذَيْفَةَ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَنْ صِلَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْمَغَازِي.
قَوْلُهُ: (لِأَهْلِ نَجْرَانَ) هُمْ أَهْلُ بَلَدٍ قَرِيبٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُمُ الْعَاقِبُ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْمَسِيحِ، وَالسَّيِّدُ