للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَنْصَارِ وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ؟ قَالُوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ مِنَّا. فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قَالَ: فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَلَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ، فَإِنَّهُمْ كَرِشِي وَعَيْبَتِي، وَقَدْ قَضَوْا الَّذِي عَلَيْهِمْ وَبَقِيَ الَّذِي لَهُمْ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ.

[الحديث: ٣٧٩٩ - طرفه في: ٣٨٠١]

٣٨٠٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا ابْنُ الْغَسِيلِ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُتَعَطِّفًا بِهَا عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ "أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَتَقِلُّ الأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ أَمْرًا يَضُرُّ فِيهِ أَحَدًا أَوْ يَنْفَعُهُ فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئِهِمْ"

٣٨٠١ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: "الأَنْصَارُ كَرِشِي وَعَيْبَتِي وَالنَّاسُ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ"

قَوْلُهُ: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ : اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ) يَعْنِي الْأَنْصَارَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو عَلِيٍّ) هُوَ الْيَشْكُرِيُّ الْمَرْوَزِيُّ الصَّائِغُ كَانَ أَحَدَ الْحُفَّاظِ، مَاتَ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ بِأَرْبَعِ سِنِينَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شَاذَانُ أَخُو عَبْدَانَ) هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ أَخِيهِ عَبْدَانَ، وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عَبْدَانَ وَأَدْرَكَ شَاذَانَ، لَكِنَّهُ رَوَى هُنَا عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ.

قَوْلُهُ: (مَرَّ أَبُو بَكْرٍ) أَيِ الصِّدِّيقُ (وَالْعَبَّاسُ) أَيِ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ وَهُمْ يَبْكُونَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: مَا يُبْكِيكُمْ)؟ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ، هَلْ هُوَ أَبُو بَكْرٍ، أَوِ الْعَبَّاسُ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ الْعَبَّاسُ.

قَوْلُهُ: (ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النَّبِيِّ أَيِ الَّذِي كَانُوا يَجْلِسُونَهُ مَعَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ النَّبِيِّ فَخَشَوْا أَنْ يَمُوتَ مِنْ مَرَضِهِ فَيَفْقِدُوا مَجْلِسَهُ، فَبَكَوْا حُزْنًا عَلَى فَوَاتِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَدَخَلَ) كَذَا أَفْرَدَ بَعْدَ أَنْ ثَنَّى، وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ خَاطَبَهُمْ، وَقَدْ قَدَّمْتُ رُجْحَانَ أَنَّهُ الْعَبَّاسُ لِكَوْنِ الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (حَاشِيَةُ بُرْدٍ) فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي حَاشِيَةُ بُرْدَةٍ بِزِيَادَةِ هَاءِ التَّأْنِيثِ.

قَوْلُهُ: (أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ) اسْتَنْبَطَ مِنْهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَكُونُ فِي الْأَنْصَارِ؛ لِأَنَّ مَنْ فِيهِمُ الْخِلَافَةُ يُوصُونَ وَلَا يُوصَى بِهِمْ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ إِذْ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (كَرِشِي وَعَيْبَتِي) أَيْ بِطَانَتِي وَخَاصَّتِي قَالَ الْقَزَّازُ: ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْكَرِشِ لِأَنَّهُ مُسْتَقَرُّ غِذَاءِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ نَمَاؤُهُ، وَيُقَالُ: لِفُلَانِ كَرِشٌ مَنْثُورَةٌ أَيْ عِيَالٌ كَثِيرَةٌ، وَالْعَيْبَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ مَا يُحْرِزُ فِيهِ الرَّجُلُ نَفِيسَ مَا عِنْدَهُ، يُرِيدُ أَنَّهُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ وَأَمَانَتِهِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هَذَا مِنْ كَلَامِهِ الْمُوجِزِ الَّذِي لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْكَرِشُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعِدَةِ لِلْإِنْسَانِ، وَالْعَيْبَةُ