للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: اهْتَزَّ الْعَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ. وَعَنْ الْأَعْمَشِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ مِثْلَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ: فَإِنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ ضَغَائِنُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ.

٣٨٠٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ أُنَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْجِدِ قال النبي : "قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ أَوْ سَيِّدِكُمْ فَقَالَ يَا سَعْدُ إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ قَالَ فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ قَالَ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ أَوْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ"

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنَاقِبِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) أَيِ ابْنُ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقِيسِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَهُوَ كَبِيرُ الْأَوْسِ، كَمَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ كَبِيرُ الْخَزْرَجِ، وَإِيَّاهُمَا أَرَادَ الشَّاعِرُ بِقَوْلِهِ:

فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحٌ مُحَمَّدٌ … بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ

قَوْلُهُ: (أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ حُلَّةٌ حَرِيرٌ) الَّذِي أَهْدَاهَا لَهُ أُكَيْدِرُ دَوْمَةَ، كَمَا بَيَّنَهُ أَنَسٌ فِي حَدِيثِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ قَتَادَةُ، وَالزُّهْرِيُّ سَمِعَا أَنَسًا عَنِ النَّبِيِّ أَمَّا رِوَايَةُ قَتَادَةَ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْهِبَةِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ فَوَصَلَهَا فِي اللِّبَاسِ، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا فَضْلُ بْنُ مُسَاوِرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ، هُوَ بَصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا الْمُسَاوِرِ، وَكَانَ خَتَنَ أَبِي عَوَانَةَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ.

قَوْلُهُ: (خَتَنَ أَبِي عَوَانَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةِ أَيْ صِهْرُهُ زَوْج ابْنَتِهِ، وَالْخَتَنُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ.

قَوْلُهُ: (وَعَنِ الْأَعْمَشِ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهَذَا مِنْ شَأْنِ الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ صَاحِبُ جَابِرٍ لَا يُخْرِجُ لَهُ إِلَّا مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ أَوِ اسْتِشْهَادًا.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ الْبَرَاءَ يَقُولُ: اهْتَزَّ السَّرِيرُ) أَيِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ) أَيِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ.

قَوْلُهُ: (ضَغَائِنُ) بِالضَّادِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ جَمْعُ ضَغِينَةٍ وَهِيَ الْحِقْدُ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنَّمَا قَالَ جَابِرٌ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَعْدًا كَانَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْبَرَاءَ خَزْرَجِيٌّ، وَالْخَزْرَجُ لَا تُقِرُّ لِلْأَوْسِ بِفَضْلٍ، كَذَا قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّ الْبَرَاءَ أَيْضًا أَوْسِيٌّ؛ لِأَنَّهُ ابْنُ عَازِبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مُجَدَّعَةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، يَجْتَمِعُ مَعَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَالْخَزْرَجُ وَالِدُ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَلَيْسَ هُوَ الْخَزْرَجَ الَّذِي يُقَابِلُ الْأَوْسَ وَإِنَّمَا سميَ عَلَى اسْمِهِ. نَعَمُ الَّذِي مِنَ الْخَزْرَجِ الَّذِينَ هُمْ مُقَابِلُو الْأَوْسِ جَابِرٌ ; وَإِنَّمَا قَالَ جَابِرٌ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِلْحَقِّ وَاعْتِرَافًا بِالْفَضْلِ لِأَهْلِهِ، فَكَأَنَّهُ تَعَجَّبَ مِنَ الْبَرَاءِ كَيْفَ قَالَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ أَوْسِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا وَإِنْ كُنْتُ خَزْرَجِيًّا وَكَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مَا كَانَ، لَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَالْعُذْرُ لِلْبَرَاءِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَغْطِيَةَ فَضْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَإِنَّمَا فَهِمَ ذَلِكَ فَجَزَمَ بِهِ، هَذَا الَّذِي يَلِيقُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ تَعَصُّبِهِ. وَلَمَّا جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ بِمَا تَقَدَّمَ احْتَاجَ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَمَّا صَدَرَ مِنْ جَابِرٍ فِي حَقِّ الْبَرَاءِ وَقَالُوا فِي ذَلِكَ مَا مُحَصَّلُهُ: إِنَّ الْبَرَاءَ مَعْذُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْعَدَاوَةِ لِسَعْدٍ، وَإِنَّمَا فَهِمَ شَيْئًا مُحْتَمَلًا فَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَيْهِ، وَالْعُذْرُ لِجَابِرٍ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ