للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَفَاقَ فَقَالَ: إِزَارِي إِزَارِي فَشَدَّ عَلَيْهِ إِزَارَهُ.

٣٨٣٠ - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ قَالَا "لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ حَوْلَ الْبَيْتِ حَائِطٌ كَانُوا يُصَلُّونَ حَوْلَ الْبَيْتِ حَتَّى كَانَ عُمَرُ فَبَنَى حَوْلَهُ حَائِطًا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ جَدْرُهُ قَصِيرٌ فَبَنَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ"

قَوْلُهُ: (بَابُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ) أَيْ عَلَى يَدِ قُرَيْشٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ قَبْلَ بَعْثَتِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِبِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِبِنَاءِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْإِسْلَامِ. وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ فَوْقَ الْقَامَةِ، فَأَرَادَتْ قُرَيْشٌ رَفْعَهَا وَتَسْقِيفَهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ. وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ إنَّ امْرَأَةً جَمَّرَتِ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ فِي ثِيَابِ الْكَعْبَةِ فَأَحْرَقَتْهَا فَذَكَرَ قِصَّةَ بِنَاءِ قُرَيْشٍ لَهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْقِصَّةِ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا بَنَتِ الْكَعْبَةَ كَانَ عُمْرُ النَّبِيِّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.

وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ بِنَاءِ إِبْرَاهِيمَ الْبَيْتَ قَالَ: فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ جُرْهُمُ، فَمَرَّ عَلَيْهِ الدَّهْرُ فَانْهَدَمَ فَبَنَتْهُ قُرَيْشٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ شَابٌّ، فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوا الْحَجْرَ الْأَسْوَدَ اخْتَصَمُوا فِيهِ فَقَالُوا: نُحَكِّمُ بَيْنَنَا أَوَّلَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ، فَكَانَ النَّبِيُّ أَوَّلَ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا، فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ قَالُوا: نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَكَانَ النَّبِيُّ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْهُ، فَأَخْبَرُوهُ، فَأَمَرَ بِثَوْبٍ فَوَضَعَ الْحَجَرَ فِي وَسَطِهِ، وَأَمَرَ كُلَّ فَخِذٍ أَنْ يَأْخُذُوا بِطَائِفَةٍ مِنَ الثَّوْبِ فَرَفَعُوهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فَوَضَعَهُ بِيَدِهِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُحَكِّمُوا أَوَّلَ دَاخِلٍ أَبُو أُمَيَّةَ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ أَخُو الْوَلِيدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْحَجِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ قِصَّةُ بِنَاءِ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ مُطَوَّلًا فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا.

وَعِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: لَا تَجْعَلُوا فِيهَا مَالًا أُخِذَ غَصْبًا، وَلَا قُطِعَتْ فِيهِ رَحِمٌ، وَلَا انْتُهِكَتْ فِيهِ ذِمَّةٌ وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ الَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَبْنُوهَا إِلَّا مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ هُوَ أَبُو وَهْبِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَامِرِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ.

قَوْلُهُ: فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: (لَمَّا بُنِيَتِ الْكَعْبَةُ) هُوَ مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَلَعَلَّ جَابِرًا سَمِعَهُ مِنَ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَقَوْلُهُ: يَقِكَ مِنَ الْحِجَارَةِ فَخَرَّ إِلَى الْأَرْضِ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَرَّ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ الْمَذْكُورِ آنِفًا: فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ يَنْقُلُ الْحِجَارَةَ مَعَهُمْ إِذِ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَنُودِيَ يَا مُحَمَّدُ غَطِّ عَوْرَتَكَ، فَذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَا نُودِيَ، فَمَا رُئِيَتْ لَهُ عَوْرَةٌ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ وَقَوْلُهُ: طُمِحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ أَيِ ارْتَفَعَتْ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَبْعَثِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ فِيمَا ذُكِرَ لِي يُحَدِّثُ عَمَّا كَانَ اللَّهُ يَحْفَظُهُ فِي صِغَرِهِ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي غِلْمَانٍ مِنْ قُرَيْشٍ نَنْقُلُ حِجَارَةً لِبَعْضٍ مِمَّا تَلْعَبُ بِهِ الْغِلْمَانُ، كُلُّنَا قَدْ تَعَرَّى وَأَخَذَ إِزَارَهُ فَجَعَلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْحِجَارَةَ، إِذْ لَكَمَنِي لَاكِمٌ مَا أَرَاهُ، ثُمَّ قَالَ: شُدَّ عَلَيْكَ إِزَارَكَ. قَالَ: فَشَدَدْتُهُ عَلَيَّ، ثُمَّ جَعَلْتُ أَحْمِلُ وَإِزَارِي عَلَيَّ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي قَالَ السُّهَيْلِيُّ: إِنَّمَا وَرَدَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي صِغَرِهِ فَهِيَ قِصَّةٌ أُخْرَى: مَرَّةً فِي الصِّغَرِ وَمَرَّةً فِي حَالِ الِاكْتِهَالِ. قُلْتُ: وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْكَبِيرِ