للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَسَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي حُكْمِهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ: (لَفِينَا بَنِي هَاشِمٍ) اللَّامُ لِلتَّأْكِيدِ وَبَنِي هَاشِمٍ مَجْرُورٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى التَّمْيِيزِ، أَوْ عَلَى النِّدَاءِ بِحَذْفِ الْأَدَاةِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) هُوَ عَمْرُو بْنُ عَلْقَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، جَزَمَ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَكَأَنَّهُ نَسَبَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ مَجَازًا لِمَا كَانَ بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالْمُؤَاخَاةِ وَالْمُنَاصَرَةِ، وَسَمَّاهُ ابْنُ الْكَلْبِيِّ، عَامِرًا.

قَوْلُهُ: (اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ فَخِذٍ أُخْرَى) كَذَا فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ. وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَغَيْرِهَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَهُوَ مَقْلُوبٌ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ. وَالْفَخِذُ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُسَكَّنُ. وَجَزَمَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ الْمَذْكُورَ هُوَ خِدَاشٌ - بِمُعْجَمَتَيْنِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ - ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ الْعَامِرِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَمَرَّ بِهِ) أَيْ بِالْأَجِيرِ (رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ. وَقَوْلُهُ: (عُرْوَةُ جُوَالَقِهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْوِعَاءُ مِنْ جُلُودٍ وَثِيَابٍ وَغَيْرِهَا، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَأَصْلُهُ كَوَالِهِ: وَجَمْعُهُ جَوَالِيقُ وَحُكِيَ جُوَالِقُ بِحَذْفِ التَّحْتَانِيَّةِ، وَالْعِقَالُ الْحَبْلُ.

قَوْلُهُ: (فَأَيْنَ عِقَالُهُ؟ قَالَ فَحَذَفَهُ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَفِيهِ حَذْفٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، وَقَدْ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ الْفَاكِهِيِّ فَقَالَ: مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَدِ انْقَطَعَ عُرْوَةُ جُوَالَقِهِ، وَاسْتَغَاثَ بِي فَأَعْطَيْتُهُ، فَحَذَفَهُ أَيْ رَمَاهُ.

قَوْلُهُ: (كَانَ فِيهَا أَجَلُهُ) أَيْ أَصَابَ مَقْتَلَهُ. وَقَوْلُهُ: فَمَاتَ أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ (١)، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الْمَارِّ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (أَتَشْهَدُ الْمَوْسِمَ) أَيْ مَوْسِمَ الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (فَكَتَبَ) بِالْمُثَنَّاةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ، وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ: فَكَتَبَ إِلَى أَبِي طَالِبٍ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَمَاتَ مِنْهَا. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ:

أَفِي فَضْلِ حَبْلٍ لَا أَبَا لَكَ ضَرَبَهُ … بِمِنْسَأَةٍ، قَدْ جَاءَ حَبْلٌ وَأَحْبُلُ

قَوْلُهُ: (يَا آلَ قُرَيْشٍ) بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ وَبِحَذْفِهَا عَلَى الِاسْتِغَاثَةِ.

قَوْلُهُ: (قَتَلَنِي فِي عِقَالٍ) أَيْ بِسَبَبِ عِقَالٍ.

قَوْلُهُ: (وَمَاتَ الْمُسْتَأْجَرُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ بَعْدَ أَنْ أَوْصَى الْيَمَانِيَّ بِمَا أَوْصَاهُ بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَوَلِيتُ) بِكَسْرِ اللَّامِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ فَقَالَ: أَصَابَهُ قَدَرُهُ، فَصَدَّقُوهُ وَلَمْ يَظُنُّوا بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَافَى الْمَوْسِمَ أَيْ أَتَاهُ.

قَوْلُهُ: (يَا بَنِي هَاشِمٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَا آلَ بَنِي هَاشِمٍ.

قَوْلُهُ: (مَنْ أَبُو طَالِبٍ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَيْنَ أَبُو طَالِبٍ، زَادَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: فَأَخْبَرَهُ بِالْقِصَّةِ، وَخِدَاشٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ لَا يَعْلَمُ بِمَا كَانَ، فَقَامَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ إِلَى خِدَاشٍ فَضَرَبُوهُ وَقَالُوا: قَتَلْتَ صَاحِبَنَا، فَجَحَدَ.

قَوْلُهُ: (اخْتَرْ مِنَّا إِحْدَى ثَلَاثٍ) يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الثَّلَاثُ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بَيْنَهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ شَيْئًا اخْتَرَعَهُ أَبُو طَالِبٍ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ تَشَاوَرُوا فِي ذَلِكَ وَلَا تَدَافَعُوا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ الْقَسَامَةَ قَبْلَ ذَلِكَ. كَذَا قَالَ، وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَاوِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا أَوَّلُ قَسَامَةٍ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْوُقُوعُ وَإِنْ كَانُوا يَعْرِفُونَ الْحُكْمَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَحَكَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّهُمْ تَحَاكَمُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَضَى أَنْ يَحْلِفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرٍ عِنْدَ الْبَيْتِ مَا قَتَلَهُ خِدَاشٌ، وَهَذَا


(١) قوله "فمات" ثم قوله "قبل أن يقضى" ليس في نسخ الصحيح.