للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نِصْفَيْنِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْعَلَامَاتِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، وَشَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ بِدُونِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ: فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ مَرَّتَيْنِ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.

قُلْتُ: وَهُوَ فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ بِلَفْظِ: مَرَّتَيْنِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِمَامَانِ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ: فِرْقَتَيْنِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدْ حَفِظَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْهُ: مَرَّتَيْنِ. قُلْتُ: لَكِنِ اخْتُلِفَ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى شُعْبَةَ وَهُوَ أَحْفَظُهُمْ، وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِلَفْظِ: مَرَّتَيْنِ، إِنَّمَا فِيهِ: فِرْقَتَيْنِ أَوْ فِلْقَتَيْنِ بِالرَّاءِ أَوِ اللَّامِ، وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: فِلْقَتَيْنِ، وَفِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: فِرْقَتَيْنِ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ: فَانْشَقَّ بِاثْنَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ: فَصَارَ قَمَرَيْنِ، وَفِي لَفْظٍ: شِقَّتَيْنِ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ: حَتَّى رَأَوْا شِقَّيْهِ، وَوَقَعَ فِي نَظْمِ السِّيرَةِ لِشَيْخِنَا الْحَافِظِ أَبِي الْفَضْلِ: وَانْشَقَّ مَرَّتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَا أَعْرِفُ مَنْ جَزَمَ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ بِتَعَدُّدِ الِانْشِقَاقِ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ شُرَّاحِ الصَّحِيحَيْنِ، وَتَكَلَّمَ ابْنُ الْقَيِّمِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، فَقَالَ: الْمَرَّاتُ يُرَادُ بِهَا الْأَفْعَالُ تَارَةً وَالْأَعْيَانُ أُخْرَى، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ. وَمِنَ الثَّانِي انْشَقَّ الْقَمَرُ مَرَّتَيْنِ، وَقَدْ خَفِيَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، فَادَّعَى أَنَّ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ، وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ أَنَّهُ غَلَطٌ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ إِلَّا مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.

وَقَدْ قَالَ الْعِمَادُ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا مَرَّتَيْنِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ قَائِلَهَا أَرَادَ فِرْقَتَيْنِ. قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَاتِ. ثُمَّ رَاجَعْتُ نَظْمَ شَيْخِنَا، فَوَجَدْتُهُ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ، وَلَفْظُهُ:

فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً عَلَتْ … وَفِرْقَةً لِلطَّوْدِ مِنْهُ نَزَلَتْ

وَذَاكَ مَرَّتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، … وَالنَّصِّ وَالتَّوَاتُرِ السَّمَاعِ

فَجَمَعَ بَيْنَ قَوْلِهِ: فِرْقَتَيْنِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: مَرَّتَيْنِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ، بِأَصْلِ الِانْشِقَاقِ لَا بِالتَّعَدُّدِ، مَعَ أَنَّ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ فِي نَفْسِ الِانْشِقَاقِ نَظَرًا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ، وَحِرَاءُ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ، وَهُوَ عَلَى يَسَارِ السَّائِرِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى مِنًى.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي حَمْزَةَ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ السُّكَّرِيُّ الْمَرْوَزِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْأَعْمَشِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ) هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعْدَانَ بْنِ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنِ عِيسَى الرَّمْلِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَلِأَبِي نُعَيْمٍ نَحْوَهُ مِنْ طَرِيقٍ غَرِيبَةٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ شُعْبَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مُعَلَّقًا أَنَّ مُجَاهِدًا رَوَاهُ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ، هَلْ عِنْدَ مُجَاهِدٍ فِيهِ إِسْنَادَانِ أَوْ قَوْلُ مَنْ قَالَ: ابْنُ عُمَرَ وَهَمٌ مِنْ أَبِي مَعْمَرٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ

قَوْلُهُ: (انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ بِمِنًى) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ بِمِنًى إِذِ انْفَلَقَ الْقَمَرُ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَ أَنَسٍ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّ النَّبِيَّ كَانَ لَيْلَتَئِذٍ بِمَكَّةَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ تَصْرِيحِهِ فَمِنًى