للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الزُّهْرِيِّ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ (عَنِ الزُّهْرِيِّ) بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ. وَطَرِيقُ يُونُسَ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي مَنَاقِبِ عُثْمَانَ، وَأَمَّا طَرِيقُ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ فَوَصَلَهَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ فِي مُصَنَّفِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي تَمْهِيدِهِ، وَهُوَ بِاللَّفْظِ الَّذِي عَلَّقَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ عَنْ هَذَيْنِ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ مِنَ التَّفْسِيرِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ … إِلَخْ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ أَيْضًا، وَأَوْرَدَهُ هُنَا لِقَوْلِهِ: قَدِ ابْتَلَاكَ اللَّهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِيَارُ، وَلِهَذَا قَالَ: هُوَ مِنْ بَلَوْتُهُ إِذَا اسْتَخْرَجْتُ مَا عِنْدَهُ، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ: نَبْلُو أَيْ نَخْتَبِرُ، وَمُبْتَلِيكُمْ أَيْ مُخْتَبِرُكُمْ، ثُمَّ اسْتَطْرَدَ فَقَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ أَيْ نَعِيمٌ، وَهُوَ مِنِ ابْتَلَيْتُهُ إِذَا أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ مِنِ ابْتَلَيْتُهُ إِذَا امْتَحَنْتُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ، فَرَّقَهُ فِي مَوَاضِعِهِ، وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَ الْبَلَاءِ مِنَ الْأَضْدَادِ، يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ النِّعْمَةُ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ النِّقْمَةُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الِاخْتِبَارِ، وَوَقَعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿بَلاءً حَسَنًا﴾ فَهَذَا مِنَ النِّعْمَةِ وَالْعَطِيَّةِ، وَقَوْلِهِ: بَلَاءٌ عَظِيمٌ، فَهَذَا مِنَ النِّقْمَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الِاخْتِبَارِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ﴾ وَالِابْتِلَاءُ بِلَفْظِ الِافْتِعَالِ، يُرَادُ بِهِ النِّقْمَةُ وَالِاخْتِبَارُ أَيْضًا.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ وَأُمَّ حَبِيبَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ الْحَدِيثَ. كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَدْ هَاجَرَتْ فِي الْهِجْرَةِ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَهَاجَرَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ وَهِيَ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ زَوْجِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ فَمَاتَ هُنَاكَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ تَنَصَّرَ، وَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ بَعْدَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ وَهُوَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَكَانَ أَبُوهَا مِمَّنْ هَاجَرَ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَوَلَدَتْ لَهُ هُنَاكَ فَسَمَّاهَا أَمَةَ وَكَنَّاهَا أُمَّ خَالِدٍ، وَأُمُّهَا أُمَيْنَةُ بِالتَّصْغِيرِ وَيُقَالُ هُمَيْنَةُ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ بِنْتُ خَلَفٍ الْخُزَاعِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدٍ السَّعِيدِيُّ) هُوَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَجَدُّ أَبِيهِ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ الْأَصْغَرُ هُوَ ابْنُ عَمِّ أُمِّ خَالِدٍ الْمَذْكُورَةِ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَسُلَيْمَانُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ الْأَعْمَشُ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ) قَدْ قَدَّمْتُ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ فِي الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ حَدِيثِ الْبَابِ مُسْتَوْفًى فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، وَبَيَّنْتُ هُنَاكَ أَنَّ رُجُوعَ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنَ الْحَبَشَةِ وَقَعَ لَمَّا بَلَغَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ بِالْحَبَشَةِ أَنَّ النَّبِيَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَصَلَ مِنْهُمْ إِلَى مَكَّةَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، وَكَانَ وُصُولُ ابْنِ مَسْعُودٍ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالنَّبِيُّ يَتَجَهَّزُ إِلَى بَدْرٍ، وَظَهَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَسْمَاءِ أَهْلِ الْهِجْرَةِ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ وَهَمُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَهُوَ الْأَشْعَرِيُّ قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ أَيْ مَبْعَثُهُ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ) أَيْ مِنْ بِلَادِ قَوْمِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَرَكِبْنَا سَفِينَةً) أَيْ لِنَصِلَ فِيهَا إِلَى مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ) كَأَنَّ الرِّيحَ هَاجَتْ عَلَيْهِمْ فَمَا مَلَكُوا أَمْرَهُمْ حَتَّى أَوْصَلَتْهُمْ بِلَادَ الْحَبَشَةِ.

قَوْلُهُ: فِي آخِرِ الْحَدِيثِ (فَقَالَ النَّبِيُّ : لَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ) سَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ مُطَوَّلًا، وَفِيهِ الْبَيَانُ بِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَكْمِلَةٌ): أَرْضُ الْحَبَشَةِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بِلَادِ الْيَمَنِ، وَمَسَافَتُهَا طَوِيلَةٌ جِدًّا، وَهُمْ أَجْنَاسٌ، وَجَمِيعُ فِرَقِ السُّودَانِ يُعْطُونَ الطَّاعَةَ لِمَلِكِ الْحَبَشَةِ، وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ يُلَقَّبُ بِالنَّجَاشِيِّ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَيُقَالُ لَهُ: الْحَطِي بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا