للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: فَلَمَّا أَتَى النَّبِيُّ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي، فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ، وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ: أُصَلِّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ فَتَقَدَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَصَلَّى. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، قَالَ عِيَاضٌ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ صَعِدَ مِنْهُ إِلَى السَّمَاوَاتِ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ رَآهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ هَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ فَهَبَطُوا أَيْضًا. وَقَالَ غَيْرُهُ: رُؤْيَتُهُ إِيَّاهُمْ فِي السَّمَاءِ مَحْمُولَةٌ عَلَى رُؤْيَةِ أَرْوَاحِهِمْ إِلَّا عِيسَى لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ رُفِعَ بِجَسَدِهِ، وَقَدْ قِيلَ فِي إِدْرِيسَ أَيْضًا ذَلِكَ، وَأَمَّا الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَحْتَمِلُ الْأَرْوَاحَ خَاصَّةً، وَيَحْتَمِلُ الْأَجْسَادَ بِأَرْوَاحِهَا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ صَلَاتَهُ بِهِمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ قَبْلَ الْعُرُوجِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (السَّمَاءَ الدُّنْيَا) فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ: إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ: بَابُ الْحَفَظَةِ، وَعَلَيْهِ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ: إِسْمَاعِيلُ، وَتَحْتَ يَدِهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ.

قَوْلُهُ: (فَاسْتَفْتَحَ) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ: أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ أَيْ لِلْعُرُوجِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَصْلَ الْبَعْثِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدِ اشْتُهِرَ فِي الْمَلَكُوتِ الْأَعْلَى، وَقِيلَ: سَأَلُوا تَعَجُّبًا مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوِ اسْتِبْشَارًا بِهِ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ بَشَرًا لَا يَتَرَقَّى هَذَا التَّرَقِّي إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ جِبْرِيلَ لَا يَصْعَدُ بِمَنْ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: مَنْ مَعَكَ؟ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ أَحَسُّوا مَعَهُ بِرَفِيقٍ وَإِلَّا لَكَانَ السُّؤَالُ بِلَفْظِ أَمَعَكَ أَحَدٌ، وَذَلِكَ الْإِحْسَاسُ إِمَّا بِمُشَاهَدَةٍ لِكَوْنِ السَّمَاءِ شَفَّافَةً، وَإِمَّا بِأَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ كَزِيَادَةِ أَنْوَارٍ أَوْ نَحْوِهَا يُشْعِرُ بِتَجَدُّدِ أَمْرٍ يَحْسُنُ مَعَهُ السُّؤَالُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ، وَفِي قَوْلِ: مُحَمَّدٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ أَوْلَى فِي التَّعْرِيفِ مِنَ الْكُنْيَةِ، وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ إِطْلَاعَ نَبِيِّهِ عَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: أَوَبُعِثَ إِلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ ذَلِكَ سَيَقَعُ لَهُ ; وَإِلَّا لَكَانُوا يَقُولُونَ: وَمَنْ مُحَمَّدٌ؟ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (مَرْحَبًا بِهِ) أَيْ أَصَابَ رَحَبًا وَسَعَةً، وَكُنِّيَ بِذَلِكَ عَنِ الِانْشِرَاحِ، وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ ابْنُ الْمُنِيرِ جَوَازَ رَدِّ السَّلَامِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَامِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمَلَكِ: مَرْحَبًا بِهِ لَيْسَ رَدَّا لِلسَّلَامِ، فَإِنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ وَالسِّيَاقُ يُرْشِدُ إِلَيْهِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ، وَوَقَعَ هُنَا أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَلِّمْ عَلَيْهِ قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ رَآهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ) قِيلَ: الْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ، وَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالتَّقْدِيرُ جَاءَ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ مَجِيؤهُ وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فِي هَذَا الْكَلَامِ شَاهِدٌ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ بِالصِّلَةِ عَنِ الْمَوْصُولِ أَوِ الصِّفَةِ عَنِ الْمَوْصُوفِ فِي بَابِ نِعْمَ، لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى فَاعِلٍ هُوَ الْمَجِيءُ، وَإِلَى مَخْصُوصٍ بِمَعْنَاهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ مُخْبَرٌ عَنْهُ بِنِعْمَ وَفَاعِلِهَا، فَهُوَ فِي هَذَا الْكَلَامِ وَشَبَهِهِ مَوْصُولٌ أَوْ مَوْصُوفٌ بِجَاءَ، وَالتَّقْدِيرُ نِعْمَ الْمَجِيءُ الَّذِي جَاءَ، أَوْ نِعْمَ الْمَجِيءُ مَجِيءٌ جَاءَهُ، وَكَوْنُهُ مَوْصُولًا أَجْوَدُ لِأَنَّهُ مُخْبَرٌ عَنْهُ، وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ إِذَا كَانَ مَعْرِفَةً أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ نَكِرَةً.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَوَّلَ الصَّلَاةِ ذِكْرَ النَّسَمِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ، وَذَكَرْتُ هُنَاكَ احْتِمَالًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّسَمِ الْمَرْئِيَّةِ لِآدَمَ هِيَ الَّتِي لَمْ تَدْخُلِ الْأَجْسَادَ بَعْدُ. ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْآنَ احْتِمَالٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ خَرَجَتْ مِنَ الْأَجْسَادِ حِينَ خُرُوجِهَا لِأَنَّهَا مُسْتَقِرَّةٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ آدَمَ لَهَا وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَنْ يُفْتَحَ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا تَلِجَهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَلَفْظُهُ: فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ اجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ. ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارِ فَيَقُولُ: رُوحٌ