للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَرْوِي عَنْ عَمِّهِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَقَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ يُرِيدُ أَنَّ اللَّفْظَ الْمُسَاقَ لِعَقِيلٍ لَا لِيُونُسَ، وَقَوْلُهُ: تَوَاثَقْنَا بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْقَافِ أَيْ وَقَعَ بَيْنَنَا الْمِيثَاقُ عَلَى مَا تَبَايَعْنَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ؛ لِأَنَّ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا بِسَبَبِ أَنَّهَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ نُصِرَ فِيهَا الْإِسْلَامُ، لَكِنَّ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ كَانَتْ سَبَبًا فِي فُشُوِّ الْإِسْلَامِ، وَمِنْهَا نَشَأَ مَشْهَدُ بَدْرٍ، وَقَوْلُهُ: أَذْكَرُ مِنْهَا هُوَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ بِمَعْنَى الْمَذْكُورِ، أَيْ أَكْثَرُ ذِكْرًا بِالْفَضْلِ وَشُهْرَةً بَيْنَ النَّاسِ.

قُلْتُ: وَكَانَ كَعْبٌ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ عَقَدَ ثَالِثَةً كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلُ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّحَ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِهِ بِطُولِهِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ - وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ كَعْبًا حَدَّثَهُ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَايَعَ بِهَا قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا مَعَ مُشْرِكِي قَوْمِنَا وَقَدْ صَلَّيْنَا وَفَقِهْنَا، وَمَعَنَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ سَيِّدُنَا وَكَبِيرُنَا - فَذَكَرَ شَأْنَ صَلَاتِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالَ -: فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى مَكَّةَ وَلَمْ نَكُنْ رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فسَأَلْنَا عَنْهُ فَقِيلَ: هُوَ مَعَ الْعَبَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلْنَا فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ الْبَرَاءُ عَنِ الْقِبْلَةِ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْحَجِّ، وَوَاعَدْنَاهُ الْعَقَبَةَ وَمَعَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَالِدُ جَابِرٍ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ قَبْلُ، فَعَرَّفْنَاهُ أَمْرَ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ حِينَئِذٍ وَصَارَ مِنَ النُّقَبَاءِ، قَالَ: فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثَةً وَسَبْعِينَ رَجُلًا، وَمَعَنَا امْرَأَتَانِ أُمُّ عُمَارَةَ بِنْتُ كَعْبٍ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي مَازِنٍ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي سَلَمَةَ، قَالَ: فَجَاءَ وَمَعَهُ الْعَبَّاسُ فَتَكَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا مِنَّا مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ، وَقَدْ مَنَعْنَاهُ وَهُوَ فِي عِزٍّ، فَإِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنَّكُمْ وَافُونَ لَهُ بِمَا دَعَوْتُمُوهُ إِلَيْهِ وَمَانِعُوهُ مِمَّنْ خَالَفَهُ فَأَنْتُمْ وَذَاكَ، وَإِلَّا فَمِنَ الْآنِ. قَالَ: فَقُلْنَا: تَكَلَّمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ مَا أَحْبَبْتَ. فَتَكَلَّمَ، فَدَعَا إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَرَغَّبَ فِي الْإِسْلَامِ ثُمَّ قَالَ: أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، قَالَ: فَأَخَذَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ بِيَدِهِ فَقَالَ: نَعَمْ.

فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : أُسَالِمُ مَنْ سَالَمْتُمْ، وَأُحَارِبُ مَنْ حَارَبْتُمْ. ثُمَّ قَالَ: أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ النُّقَبَاءَ وَهُمْ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حُبَيْشٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، وَقِيلَ بَدَلَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ.

وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ النَّبِيَّ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلنُّقَبَاءِ: أَنْتُمْ كُفَلَاءُ عَلَى قَوْمِكُمْ كَكَفَالَةِ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. قَالُوا: نَعَمْ. وَذَكَرَ أَيْضًا: أَنَّ قُرَيْشًا بَلَغَهُمْ أَمْرُ الْبَيْعَةِ فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِمْ، فَحَلَفَ الْمُشْرِكُونَ مِنْهُمْ وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ - قِيلَ: كَانُوا خَمْسَمِائَةِ نَفْسٍ - أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا بِشَيْءٍ مِمَّا جَرَى. الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ جَابِرٍ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَحَدُهُمَا الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ.

قَوْلُهُ: (كَانَ عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (شَهِدَ بِي خَالَايَ الْعَقَبَةَ) لَمْ يُسَمِّهِمَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ; وَنُقِلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَهُوَ الْجُعْفِيُّ - أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ قَالَ: أَحَدُهُمَا: الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ، فَعَلَى هَذَا فَتَفْسِيرُ الْمُبْهَمِ مِنْ كَلَامِهِ، لَكِنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، فَتَرَجَّحَتْ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ سُفْيَانُ: خَالَاهُ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَأَخُوهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ، وَالْبَرَاءُ بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَمَعْرُورٌ بِمُهْمَلَاتٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَوَّلَ مَنْ بَايَعَ فِي الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَاتَ قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ الْمَدِينَةَ بِشَهْرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ فِي قِصَّةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الدِّمْيَاطِيُّ فَقَالَ: أُمُّ جَابِرٍ هِيَ أُنَيْسَةُ بِنْتُ غَنَمَةَ بْنِ عَدِيٍّ وَأَخَوَاهَا