فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ"
[الحديث ٣٨٩٥ - أطرافه في: ٧٠١٢، ٧٠١١، ٥١٢٥، ٥٠٧٨،]
٣٨٩٦ - حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ "تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ"
قَوْلُهُ: (بَابُ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ ﷺ عَائِشَةَ) سَقَطَ لَفْظُ بَابُ لِأَبِي ذَرٍّ.
قَوْلُهُ: (وَقُدُومِهَا الْمَدِينَةَ) أَيْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.
قَوْلُهُ: (وَبِنَائِهِ بِهَا) أَيْ بِالْمَدِينَةِ. وَكَانَ دُخُولُهَا عَلَيْهِ فِي شَوَّالٍ مِنَ السَّنَةِ الْأُولَى. وَقِيلَ: مِنَ الثَّانِيَةِ. وَقَدْ تُعُقِّبَ قَوْلُهُ بِنَائِهِ بِهَا اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الصِّحَاحِ: الْعَامَّةُ تَقُولُ: بَنَى بِأَهْلِهِ وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: بَنَى عَلَى أَهْلِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الدَّاخِلَ عَلَى أَهْلِهِ يُضْرَبُ عَلَيْهِ قُبَّةٌ لَيْلَةَ الدُّخُولِ، ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ دَاخِلٍ بِأَهْلِهِ بَانٍ. انْتَهَى. وَلَا مَعْنَى لِهَذَا التَّغْلِيطِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْفُصَحَاءِ لَهُ، وَحَسْبُكَ بِقَوْلِ عَائِشَةَ: بَنَى بِي وَبِقَوْلِ عُرْوَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ الثَّالِثِ وَبَنَى بِهَا.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ تَزَوَّجَنِي وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ أَيْ عَقَدَ عَلَيَّ. وَقَوْلُهَا: فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَيْ لَمَّا قَدِمَتْ هِيَ وَأُمُّهَا وَأُخْتُهَا أَسْمَاءُ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ، وَأَمَّا أَبُوهَا فَقَدِمَ قَبْلَ ذَلِكَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (فَتَمَزَّقَ شَعْرِي) بِالزَّايِ أَيْ تَقَطَّعَ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ فَتَمَرَّقَ بِالرَّاءِ أَيِ انْتُتِفَ.
قَوْلُهُ: (فَوَفَى) أَيْ كَثُرَ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ ثُمَّ فَصَلْتُ مِنَ الْوَعْكِ فَتَرَبَّى شَعْرِي فَكَثُرَ، وَقَوْلُهَا جُمَيْمَةٌ بِالْجِيمِ مُصَغَّرُ الْجُمَّةِ بِالضَّمِّ وَهِيَ مُجْتَمَعُ شَعْرِ النَّاصِيَةِ، وَيُقَالُ لِلشَّعْرِ إِذَا سَقَطَ عَنِ الْمَنْكِبَيْنِ جُمَّةٌ، وَإِذَا كَانَ إِلَى شَحْمَةِ الْأُذُنَيْنِ وَفْرَةٌ. وَقَوْلُهَا: فِي أُرْجُوحَةٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَلْعَبُ بِهَا الصِّبْيَانُ، وَقَوْلُهُ: أَنْهَجُ أَيْ أَتَنَفَّسُ تَنَفُّسًا عَالِيًا، وَقَوْلُهُنَّ عَلَى خَيْرِ طَائِرٍ أَيْ عَلَى خَيْرِ حَظٍّ وَنَصِيبٍ، وَقَوْلُهَا: فَلَمْ يَرُعْنِي بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ لَمْ يُفْزِعْنِي شَيْءٌ إِلَّا دُخُولُهُ عَلَيَّ، وَكَنَّتْ بِذَلِكَ عَنِ الْمُفَاجَأَةِ بِالدُّخُولِ عَلَى غَيْرِ عَالِمٍ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفَزَّعُ غَالِبًا، وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُطَوَّلَةً قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَدَخَلَ بَيْتَنَا، فَجَاءَتْ بِي أُمِّي وَأَنَا فِي أُرْجُوحَةٍ وَلِي جُمَيْمَةٍ، فَفَرَقَتْهَا، وَمَسَحَتْ وَجْهِي بِشَيْءٍ مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ بِي تَقُودُنِي حَتَّى وَقَفَتْ بِي عِنْدَ الْبَابِ حَتَّى سَكَنَ نَفَسِي .. الْحَدِيثَ.
وَفِيهِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ جَالِسٌ عَلَى سَرِيرِهِ وَعِنْدَهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَجْلَسَتْنِي فِي حِجْرِهِ، ثُمَّ قَالَتْ: هَؤُلَاءِ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَارَكَ اللَّهُ لك فِيهِمْ. فَوَثَبَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، وَبَنَى بِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي بَيْتِنَا وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ. الْحَدِيثُ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (أُرِيتُكِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ.
قَوْلُهُ: (سَرَقَةٌ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَالْقَافِ، أَيْ قِطْعَةٌ، أَيْ يُرِيهِ صُورَتَهَا.
قَوْلُهُ: (وَيَقُولُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَقَالَ، وَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ بِلَفْظِ فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا هِيَ أَنْتِ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. الْحَدِيثُ الثَّالِثُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِيهِ) هَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ مَعَ كَثْرَةِ خِبْرَتِهِ بِأَحْوَالِ عَائِشَةَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ حَمَلَهُ عَنْهَا.
قَوْلُهُ: (تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ ﷺ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ) فِيهِ إِشْكَالٌ ; لِأَنَّ ظَاهِرَهُ