للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِلَفْظِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ أَيْ: مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا دَارُ كُفْرٍ، فَالْهِجْرَةُ وَاجِبَةٌ مِنْهَا عَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَخَشِيَ أَنْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَن يَبْقَى فِي الدُّنْيَا دَارُ كُفْرٍ أَنَّ الْهِجْرَةَ تَنْقَطِعُ لِانْقِطَاعِ مُوجِبِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَطْلَقَ ابْنُ التِّينِ أَنَّ الْهِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَتْ وَاجِبَةً وَأَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ إِلَى الْمَدِينَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَانَ كَافِرًا، وَهُوَ إِطْلَاقٌ مَرْدُودٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ هِشَامٍ) هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ سَعْدًا) هُوَ ابْنُ مُعَاذٍ، وَسَيَأْتِي شَرْحُ هَذَا فِي غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَأَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِقُرَيْشٍ الَّذِينَ أَحْوَجُوا النَّبِيَّ إِلَى الْخُرُوجِ عَنْ وَطَنِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْعَطَّارُ .. إِلَخْ) يَعْنِي أَنَّ أَبَانَ وَافَقَ ابْنَ نُمَيْرٍ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ هِشَامٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَفْصَحَ بِتَعْيِينِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أُبْهِمُوا وَأَنَّهُمْ قُرَيْشٌ، وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْمِ قُرَيْظَةُ، ثُمَّ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ: هَذَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، وَهُوَ إِقْدَامٌ مِنْهُ عَلَى رَدِّ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ بِالظَّنِّ الْخَائِبِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْمِ قُرَيْشٌ، وَإِنَّمَا تَفَرَّدَ أَبَانُ بِذِكْرِ قُرَيْشٍ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِ سَعْدٍ وَقَالَ: اللَّهُمَّ فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُ .. الْحَدِيثَ، وَأَيْضًا فَفِي الْمَوْضِعِ الَّذِي اقْتَصَرَ الدَّاوُدِيُّ، عَلَى النَّظَرِ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قُرَيْشٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَأَخْرَجُوهُ فَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُخْتَصَّةٌ بِقُرَيْشٍ؛ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أَخْرَجُوهُ، وَأَمَّا قُرَيْظَةُ فَلَا.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هُوَ ابْنُ حَسَّانَ.

قَوْلُهُ: (فَمَكَثَ بِمَكَّةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) هَذَا أَصَحُّ مِمَّا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ، فَمَكَثَ بِمَكَّةَ عَشْرًا، وَأَصَحُّ مِمَّا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ إِقَامَةَ النَّبِيِّ بِمَكَّةَ كَانَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَبْعَثِ، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْوَفَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْلُهُ هُنَا: (فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ) أَيْ أَقَامَ مُهَاجِرًا عَشْرَ سِنِينَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ﴾

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ مُسْتَوْفًى، وَقَوْلُهُ فِيهِ: (فَقَالَ النَّاسُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَلَاذُرِيِّ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا يُبْكِيكَ .. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

٣٩٠٥ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ، فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، قَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: فَإِنَّ مِثْلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ، إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَأَنَا لَكَ جَارٌ ارْجِعْ وَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ فَرَجَعَ وَارْتَحَلَ مَعَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ عَشِيَّةً فِي أَشْرَافِ قُرَيْشٍ،