للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ) دَخَلَتِ الْفَاءُ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ لَا يَخْفَى تَقْدِيرُهُ.

قَوْلُهُ: (فَلَبِثَ أَبُو بَكْرٍ) تَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ بِلَفْظِ فَطَفِقَ أَيْ جَعَلَ، وَلَمْ يَقَعْ لِي بَيَانُ الْمُدَّةِ الَّتِي أَقَامَ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ) أَيْ ظَهَرَ لَهُ رَأْيٌ غَيْرُ الرَّأْيِ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (بِفِنَاءِ دَارِهِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ وَبِالْمَدِّ أَيْ أَمَامَهَا.

قَوْلُهُ: (فَيَتقَذِفُ) بِالْمُثَنَّاةِ وَالْقَافِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَة الثَّقِيلَةِ، تَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ بِلَفْظِ فَيَتَقَصَّفَ أَيْ يَزْدَحِمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْقُطَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَيَكَادَ يَنْكَسِرُ، وَأَطْلَقَ يَتَقَصَّفُ مُبَالَغَةً، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هذا هُوَ الْمَحْفُوظُ، وَأَمَّا يَتَقَذَّفُ فَلَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقَذْفِ أَيْ يَتَدَافَعُونَ فَيَقْذِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَتَسَاقَطُونَ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى الْأَوَّلِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِنُونٍ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ أَيْ يَسْقُطُ.

قَوْلُهُ: (بَكَّاءً) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ كَثِيرُ الْبُكَاءِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ) أَيْ لَا يُطِيقُ إِمْسَاكَهُمَا عَنِ الْبُكَاءِ مِنْ رِقَّةِ قَلْبِهِ. وَقَوْلُهُ: (إِذَا قَرَأَ) إِذَا ظَرْفِيَّةٌ وَالْعَامِلُ فِيهِ: لَا يَمْلِكُ، أَوْ هِيَ شَرْطِيَّةٌ وَالْجَزَاءُ مُقَدَّرٌ.

قَوْلُهُ: (فَأَفْزَعَ ذَلِكَ) أَيْ أَخَافَ الْكُفَّارَ لِمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ رِقَّةِ قُلُوبِ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ أَنْ يَمِيلُوا إِلَى دِينِ الْإِسْلَامِ.

قَوْلُهُ: (فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَقَدِمَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَفْتِنَ نِسَاءَنَا) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَفَاعِلُهُ أَبُو بَكْرٍ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِلْبَاقِينَ أَنْ يُفْتَنَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ نِسَاؤُنَا بِالرَّفْعِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ.

قَوْلُهُ: (أَجَرْنَا) بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْقَابِسِيِّ بِالزَّايِ: أَيْ أَبَحْنَا لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَالْأَلِفُ مَقْصُورَةٌ فِي الرِّوَايَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَاسْأَلْهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَسَلْهُ.

قَوْلُهُ: (ذِمَّتُكَ) أَيْ أَمَانُكَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (نُخْفِرَكَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ نَغْدِرُ بِكَ، يُقَالُ: خَفَرَهُ إِذَا حَفِظَهُ، وَأَخْفَرَهُ إذا غَدَرَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (مُقِرِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ الِاسْتِعْلَانَ) أَيْ لَا نَسْكُتُ عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرُوهُ مِنَ الْخَشْيَةِ عَلَى نِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا فِي دِينِهِ.

قَوْلُهُ: (وَأَرْضَى بِجِوَارِ اللَّهِ) أَيْ أَمَانُهُ وَحِمَايَتُهُ. وَفِيهِ جَوَازُ الْأَخْذِ بِالْأَشَدِّ فِي الدِّينِ، وَقُوَّةُ يَقِينِ أَبِي بَكْرٍ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّبِيُّ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ) فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ فَضَائِلِ الصِّدِّيقِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ قَدِ امْتَازَ بِهَا عَمَّنْ سِوَاهُ ظَاهِرَةٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا الْحَرَّتَانِ) هَذَا مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ مِنْ تَفْسِيرِ الزُّهْرِيِّ، وَالْحَرَّةُ أَرْضٌ حِجَارَتُهَا سُودٌ، وَهَذِهِ الرُّؤْيَا غَيْرُ الرُّؤْيَا السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الَّتِي تَرَدَّدَ فِيهَا النَّبِيُّ كَمَا سَبَقَ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: كَأَنَّ النَّبِيَّ أُرِيَ دَارَ الْهِجْرَةِ بِصِفَةٍ تَجْمَعُ الْمَدِينَةَ وَغَيْرَهَا، ثُمَّ أُرِيَ الصِّفَةَ الْمُخْتَصَّةَ بِالْمَدِينَةِ فَتَعَيَّنَتْ.

قَوْلُهُ: (وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ) أَيْ لَمَّا سَمِعُوا بِاسْتِيطَانِ الْمُسْلِمِينَ الْمَدِينَةَ رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ فَهَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْمَدِينَةِ مُعْظَمُهُمْ لَا جَمِيعُهُمْ؛ لِأَنَّ جَعْفَرًا وَمَنْ مَعَهُ تَخَلَّفُوا فِي الْحَبَشَةِ، وَهَذَا السَّبَبُ فِي مَجِيءِ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ غَيْرُ السَّبَبِ الْمَذْكُورِ فِي مَجِيءِ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمْ أَيْضًا فِي الْهِجْرَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ ذَاكَ كَانَ بِسَبَبِ سُجُودِ الْمُشْرِكِينَ مَعَ النَّبِيِّ وَالْمُسْلِمِينَ فِي سُورَةِ النَّجْمِ، فَشَاعَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَسْلَمُوا وَسَجَدُوا فَرَجَعَ مَنْ رَجَعَ مِنَ الْحَبَشَةِ فَوَجَدُوهُمْ أَشَدَّ مَا كَانُوا كَمَا سَيَأْتِي شَرْحُهُ وَبَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّجْمِ.

قَوْلُهُ: (وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ، وَتَقَدَّمَ فِي الْكَفَالَةِ بِلَفْظِ وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ، وَالْمَعْنَى أَرَادَ الْخُرُوجَ طَالِبًا لِلْهِجْرَةِ، وَفِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ النَّبِيَّ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى رِسْلِكَ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ عَلَى مَهْلِكَ، وَالرِّسْلُ السَّيْرُ الرَّفِيقُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ فَقَالَ: اصْبِرْ.

قَوْلُهُ: (وَهَلْ تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ) لَفْظُ أَنْتَ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ بِأَبِي أَيْ مُفَدًّى بِأَبِي، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَنْتَ تَأْكِيدًا لِفَاعِلِ تَرْجُو، وَبِأَبِي قَسَمٌ.

قَوْلُهُ: (فَحَبَسَ نَفْسَهُ) أَيْ مَنَعَهَا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ فَانْتَظَرَهُ أَبُو