للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَدِيثُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ) أَمَّا مُحَمَّدٌ فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ الْبَزَّازُ بِمُعْجَمَتَيْنِ نَزِيلُ بَغْدَادَ، مُتَّفَقٌ عَلَى تَوْثِيقِهِ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَفِي الْبُيُوعِ جَازِمًا بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ، وَأَمَّا مَنْ بَلَّغَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَبَّادَ بْنَ الْوَلِيدِ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ بِلَفْظِهِ، وَعَبَّادٌ الْمَذْكُورُ يُكَنَّى أَبَا بَدْرٍ، وَهُوَ غُبَرِيٌّ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَقَالَ: صَدُوقٌ، وَمَاتَ قَبْلَ سَنَةِ سِتِّينَ أَوْ بَعْدَهَا. وَإِسْمَاعِيلُ شَيْخُ مُحَمَّدٍ فِيهِ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَعَاصِمٌ هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلُ، وَأَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (إِذَا قِيلَ لَهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ يَغْضَبُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يُهَاجِرْ إِلَّا صُحْبَةَ أَبِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّنِي هَاجَرْتُ قَبْلَ أَبِي، إِنَّمَا قَدَّمَنِي فِي ثَقَلِهِ وَهَذَا فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَالْجَوَابُ الَّذِي أَجَابَ بِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَصَحُّ مِنْهُ، وَقَدِ اسْتُشْكِلَ ذِكْرُ أَبَوَيْهِ، فَإِنَّ أُمَّهُ زَيْنَبَ بِنْتَ مَظْعُونٍ كَانَتْ بِمَكَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ.

قَوْلُهُ: (قَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ Object يَعْنِي عِنْدَ الْبَيْعَةِ، وَلَعَلَّهَا بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ، وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا بَيْعَةٌ صَدَرَتْ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ Object الْمَدِينَةَ، وَعِنْدِي فِي ذَلِكَ بُعْدٌ ; لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ فِي سِنِّ مَنْ يُبَايِعُ، وَقَدْ عُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ Object بَعْدَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ سِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يُجِزْهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْبَيْعَةُ حِينَئِذٍ عَلَى غَيْرِ الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا ابْنُ عُمَرَ لِيُبَيِّنَّ سَبَبَ وَهَمِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي وَقَعَ لَهُ أَنَّهُ بَايَعَ قَبْلَ أَبِيهِ، فَلَمَّا كَانَتْ بَيْعَتُهُ قَبْلَ بَيْعَةِ أَبِيهِ تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هِجْرَتَهُ كَانَتْ قَبْلَ هِجْرَةِ أَبِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا بَادَرَ إِلَى الْبَيْعَةِ قَبْلُ حِرْصًا عَلَى تَحْصِيلِ الْخَيْرِ، وَلِأَنَّ تَأْخِيرَهُ لِذَلِكَ لَا يَنْفَعُ عُمَرَ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الدَّاوُدِيُّ، وَعَارَضَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ مِثْلَهُ يَرِدُ فِي الْهِجْرَةِ الَّتِي أَنْكَرَ كَوْنَهَا كَانَتْ سَابِقَةً، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَنْكَرَ وُقُوعَ ذَلِكَ لَا كَرَاهِيَتَهُ لَوْ وَقَعَ، أَوِ الْفَرْقُ أَنَّ زَمَنَ الْبَيْعَةِ يَسِيرٌ جِدًّا بِخِلَافِ زَمَنِ الْهِجْرَةِ، وَأَيْضًا فَلَعَلَّ الْبَيْعَةَ لَمْ تَكُنْ عَامَّةً بِخِلَافِ الْهِجْرَةِ، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ الْبَيْعَةُ فَبَادَرَ إِلَى تَحْصِيلِهَا، ثُمَّ أَسْرَعَ إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ فَسَارَعَ إِلَى الْبَيْعَةِ فَبَايَعَ، ثُمَّ أَعَادَ ابْنُ عُمَرَ الْبَيْعَةَ ثَانِيَ مَرَّةٍ.

قَوْلُهُ: (نُهَرْوِلُ) الْهَرْوَلَةُ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ بَيْنَ الْمَشْيِ عَلَى مَهْلٍ وَالْعَدْوِ.

(تَنْبِيهٌ): ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا حَدِيثَ الْبَرَاءِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي قِصَّةِ الْهِجْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْبَابِ، وَسَاقَهُ هُنَا أَتَمَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَفِي مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَبَقِيَّتُهُ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ فِي حَدِيثِ سُرَاقَةَ. وَقَوْلُهُ هُنَا: فَأَحْيَيْنَا لَيْلَتَنَا بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ مِنَ الْإِحْيَاءِ، وَلِبَعْضِهِمْ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ مِنَ الْحَثِّ.

قَوْلُهُ: (فَفَرَشْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ Object فَرْوَةً) فَسَّرَهَا صَاحِبُ النِّهَايَةِ بِأَنَّهَا الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ، وَقِيلَ: التِّبْنُ الْيَابِسُ، قَالَ: وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْفَرْوَةِ اللِّبَاسَ الْمَعْرُوفَةَ. قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: فَرْوَةً مَعِي، وَقَوْلُهُ هُنَا: قَدْ رَوَّأْتُهَا أَيْ تَأَتَّيْتُ بِهَا حَتَّى صَلَحَتْ، تَقُولُ: رَوَّأْتُ فِي الْأَمْرِ إِذَا نَظَرْتَ فِيهِ وَلَمْ تَعْجَلْ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَرَاءُ: فَدَخَلْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى أَهْلِهِ فَإِذَا بِنْتُهُ عَائِشَةُ مُضْطَجِعَةً قَدْ أَصَابَتْهَا حُمَّى، فَرَأَيْتُ أَبَاهَا يُقَبِّلُ خَدَّهَا وَقَالَ: كَيْفَ أَنْتِ يَا بُنَيَّةُ) هَذَا الْقَدْرُ مِنَ الْحَدِيثِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَسَأُشِيرُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ، وَكَانَ دُخُولُ الْبَرَاءِ عَلَى أَهْلِ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ قَطْعًا، وَأَيْضًا فَكَانَ حِينَئِذٍ دُونَ الْبُلُوغِ، وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ.

٣٩١٩ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ وَسَّاجٍ حَدَّثَهُ، عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِيِّ Object قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ Object وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ، فَغَلَفَهَا