بَدْرٍ. وَعِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى: كَانَ الْإِخَاءُ بَيْنَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ. وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُؤَاخَاةَ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَصْحَابِهِ بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ: تَآخَوْا أَخَوَيْنِ أَخَوَيْنِ، فَكَانَ هُوَ وَعَلِيٌّ أَخَوَيْنِ، وَحَمْزَةُ، وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَخَوَيْنِ، وَجَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَخَوَيْنِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ هِشَامٍ: بِأَنَّ جَعْفَرًا كَانَ يَوْمَئِذٍ بِالْحَبَشَةِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَوَجَّهَهَا الْعِمَادُ بْنُ كَثِيرٍ بِأَنَّهُ أَرْصَدَهُ لِأُخُوَّتِهِ حَتَّى يَقْدَمَ، وَفِي تَفْسِيرِ سُنَيْدٍ: آخَى بَيْنَ مُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ أَخَوَيْنِ، وَعُمَرُ، وَعِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ أَخَوَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ قَوْلُ عُمَرَ: كَانَ لِي أَخٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَفُسِّرَ بِعِتْبَانَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أُخُوَّتُهُ لَهُ تَرَاخَتْ كَمَا فِي أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَسَلْمَانَ. وَمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَأَبُو أَيُّوبُ أَخَوَيْنِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ أَخَوَيْنِ، وَيُقَالُ: بَلْ عَمَّارٌ، وَثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ؛ لِأَنَّ حُذَيْفَةَ إِنَّمَا أَسْلَمَ زَمَانَ أُحُدٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو أَخَوَيْنِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ أَبَا ذَرٍّ تَأَخَّرَتْ هِجْرَتُهُ، وَالْجَوَابُ كَمَا فِي جَعْفَرٍ، وَحَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ أَخَوَيْنِ، وَسَلْمَانُ، تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ، وَكَذَا أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ فِي جَعْفَرٍ.
وَكَانَ ابْتِدَاءُ الْمُؤَاخَاةِ أَوَائِلَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ، وَاسْتَمَرَّ يُجَدِّدُهَا بِحَسَبِ مَنْ يَدْخُلُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ يَحْضُرُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَالْإِخَاءُ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْبَابِ وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ، وَآخَى بَيْنَ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الصَّحِيحِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ مَذْكُورٌ فِي هَذَا الْبَابِ، وَسَمَّى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ جَمَاعَةً آخَرِينَ.
وَأَنْكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الْمُطَهَّرِ الرَّافِضِيِّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَخُصُوصًا مُؤَاخَاةَ النَّبِيِّ ﷺ لِعَلِيٍّ قَالَ: لِأَنَّ الْمُؤَاخَاةَ شُرِعَتْ لِإِرْفَاقِ بَعْضِهِمْ وَلِتَأْلِيفِ قُلُوبِ بَعْضِهِمْ على بعض، فَلَا مَعْنَى لِمُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا لِمُؤَاخَاةِ مُهَاجِرِيٍّ لِمُهَاجِرِيٍّ، وَهَذَا رَدٌّ لِلنَّصِّ بِالْقِيَاسِ وَإِغْفَالٌ عَنْ حِكْمَةِ الْمُؤَاخَاةِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ بِالْمَالِ وَالْعَشِيرَةِ وَالْقُوَى، فَآخَى بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى لِيَرْتَفِقَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى وَيَسْتَعِينُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى، وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُؤَاخَاتُهُ ﷺ لِعَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِهِ مِنْ عَهْدِ الصِّبَا مِنْ قَبْلِ الْبَعْثَةِ وَاسْتَمَرَّ، وَكَذَا مُؤَاخَاةُ حَمْزَةَ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ؛ لِأَنَّ زَيْدًا مَوْلَاهُمْ فَقَدْ ثَبَتَ أُخُوَّتُهُمَا وَهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَسَيَأْتِي فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ: إِنَّ بِنْتَ حَمْزَةَ بِنْتُ أَخِي، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ.
قُلْتُ: وَأَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنَ الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ يُصَرِّحُ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الْمُخْتَارَةِ أَصَحُّ وَأَقْوَى مِنْ أَحَادِيثِ الْمُسْتَدْرَكِ، وَقِصَّةُ الْمُؤَاخَاةِ الْأُولَى أَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَبَيْنَ طَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرِ، وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعُثْمَانَ - وَذَكَرَ جَمَاعَةً قَالَ - فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ فَمَنْ أَخِي؟ قَالَ: أَنَا أَخُوكَ. وَإِذَا انْضَمَّ هَذَا إِلَى مَا تَقَدَّمَ تَقَوَّى بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْوَكَالَةِ الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ بِمَا يُغْنِي عَنِ الْإِعَادَةِ، وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ السُّهَيْلِيِّ فِي حِكْمَةِ ذَلِكَ الْمِيرَاثِ، وَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِد حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ. الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ سَعْدٌ: إِنِّي أَكْثَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute