للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّضِيرِ اسْتِطْرَادًا، فَمِنَ الْأَبْيَاتِ الْمَذْكُورَةِ:

أَلَا يَا سَعْدُ بَنِي مُعَاذٍ … فَمَا فَعَلَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ

وَفِيهَا:

وَقَدْ قَالَ الْكَرِيمُ أَبُو حُبَابٍ … أَقِيمُوا قَيْنُقَاعَ وَلَا تَسِيرُوا

وَأَوَّلُهَا:

تَقَاعَدَ مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا … وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ

هُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ فَضَيَّعُوهُ … فَهُمْ عُمْيٌ عَنِ التَّوْرَاةِ بُورُ

كَفَرْتُمْ بِالْقُرْآنِ لَقَدْ لَقِيتُمْ … بِتَصْدِيقِ الَّذِي قَالَ النَّذِيرُ

وَفِي جَوَابِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ فِي قَوْلِهِ: وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ مَا يُرَجِّحُ مَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ أَرْضَ بَنِي النَّضِيرِ مُجَاوِرَةٌ لِأَرْضِ الْأَنْصَارِ، فَإِذَا خَرِبَتْ أَضَرَّتْ بِمَا جَاوَرَهَا، بِخِلَافِ أَرْضِ قُرَيْشٍ فَإِنَّهَا بَعِيدَةٌ مِنْهَا بُعْدًا شَدِيدًا، فَلَا تُبَالِي بِخَرَابِهَا، فَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ: تَخَرَّبَتْ أَرْضُ بَنِي النَّضِيرِ وَتَخْرِيبُهَا إِنَّمَا يَضُرُّ أَرْضَ مَنْ جَاوَرَهَا، وَأَرْضُكُمْ هِيَ الَّتِي تُجَاوِرُهَا، فَهِيَ الَّتِي تَتَضَرَّرُ لَا أَرْضُنَا، وَلَا يَتَهَيَّأُ مِثْلُ هَذَا فِي عَكْسِهِ إِلَّا بِتَكَلُّفٍ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمِيرَةَ كَانَتْ تُحْمَلُ مِنْ أَرْضِ بَنِي النَّضِيرِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانُوا يَرْتَفِقُونَ بِهَا، فَإِذَا خَرِبَتْ تَضُرُّهُمْ، بِخِلَافِ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهَا فِي غِنْيَةٍ عَنْ أَرْضِ بَنِي النَّضِيرِ بِغَيْرِهَا كَخَيْبَرَ وَنَحْوِهَا فَيُتَّجَهُ بَعْضُ اتِّجَاهٍ، لَكِنْ إِذَا تَعَارَضَا كَانَ مَا فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ. وَيُحْتَمَلُ إِنْ كَانَ مَا قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ مَحْفُوظًا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ ضَمَّنَ فِي جَوَابِهِ بَيْتًا مِنْ قَصِيدَةِ حَسَّانَ فَاهْتَدَمَهُ، فَلَمَّا قَالَ حَسَّانُ: وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ اهْتَدَمَهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: وَعَزَّ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ وَهُوَ عَمَلٌ سَائِغٌ، وَكَأَنَّ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَدْعُوَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ عَلَى أَرْضِ الْكَفَرَةِ مِثْلَهُ بِالتَّحْرِيقِ فِي قَوْلِهِ:

أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ

وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ اسْمَ الْكَفَرَةِ وَإِنْ جَمَعَهُمْ لَكِنَّ الْعَدَاوَةَ الدِّينِيَّةَ كَانَتْ قَائِمَةً بَيْنَهُمْ كَمَا بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنَ التَّبَايُنِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ:

وَحَرَّقَ فِي نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ

يُرِيدُ بِنَوَاحِيهَا الْمَدِينَةَ، فَيَرْجِعُ ذَلِكَ دُعَاءً عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا. وَلِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَصِيدَةٌ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ وَالرَّوِيِّ أَيْضًا ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ أَوَّلُهَا:

لَقَدْ مُنِيَتْ بِغَدْرَتِهَا الْحُبُورُ … كَذَاكَ الدَّهْرُ ذُو صَرْفٍ يَدُورُ يَقُولُ فِيهَا:

فَغُودِرَ مِنْهُمْ كَعْبٌ صَرِيعًا … فَذَلَّتْ عِنْدَ مَصْرَعِهِ النَّضِيرُ

يُشِيرُ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ الَّذِي سَيُذْكَرُ قَتْلُهُ عَقِبَ هَذَا، وَفِيهَا:

فَذَاقُوا غِبَّ أَمْرِهِمْ وَبَالًا … لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ بَعِيرُ

فَأُجْلُوا عَامِدِينَ بِقَيْنُقَاعَ … وَغُودِرَ مِنْهُمْ نَخْلٌ وَدُورُ

٤٠٣٣ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَعَاهُ إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ يَسْتَأْذِنُونَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَأَدْخِلْهُمْ. فَلَبِثَ قَلِيلًا ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ يَسْتَأْذِنَانِ؟ قَالَ: