للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ.

قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْعَزِيزِ) هُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ.

قَوْلُهُ: (انْهَزَمَ النَّاسُ) أَيْ بَعْضُهُمْ، أَوْ أَطْلَقَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ تَفَرُّقِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُمْ صَارُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ اسْتَمَرُّوا فِي الْهَزِيمَةِ إِلَى قُرْبِ الْمَدِينَةِ، فَمَا رَجَعُوا حَتَّى انْفَضَّ الْقِتَالُ وَهُمْ قَلِيلٌ، وَهُمُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾ وَفِرْقَةٌ صَارُوا حَيَارَى لَمَّا سَمِعُوا أَنَّ النَّبِيَّ قُتِلَ، فَصَارَ غَايَةُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَنْ يَذُبَّ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ يَسْتَمِرَّ عَلَى بَصِيرَتِهِ فِي الْقِتَالِ إِلَى أَنْ يُقْتَلَ، وَهُمْ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ. وَفِرْقَةٌ ثَبَتَتْ مَعَ النَّبِيِّ ثُمَّ تَرَاجَعَ إِلَيْهِ الْقِسْمُ الثَّانِي شَيْئًا فَشَيْئًا لَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ حَيٌّ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْحَدِيثِ السَّابِعِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُخْتَلَفِ الْأَخْبَارِ فِي عِدَّةِ مَنْ بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ فَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِذٍ مِنْ مُرْسَلِ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ: لَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ ثَبَتَ مَعَهُ سَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَسَبْعَةٌ مِنَ قُرَيْشٍ، وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَفْرَدَ فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ طَلْحَةُ، وَسَعْدٌ، وَقَدْ سَرَدَ أَسْمَاءَهُمِ الْوَاقِدِيُّ، وَاقْتَصَرَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَلَى ذِكْرِ طَلْحَةَ، وَسَعْدٍ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ أَنَّ ابْنَ قَمِئَةَ لَمَّا رَمَى النَّبيَّ وَكَسَرَ رَبَاعِيَتَهُ وَشَجَّهُ فِي وَجْهِهِ وَتَفَرَّقَ الصَّحَابَةُ مُنْهَزِمِينَ، وَجَعَلَ يَدْعُوهُمَا فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مِنْهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا، فَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْقِصَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَبُو طَلْحَةَ) هُوَ زَيْدُ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَهُوَ زَوْجُ وَالِدَةِ أَنَسٍ، وَكَانَ أَنَسٌ حَمَلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (مُجَوِّبٌ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْمَكْسُورَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ مُتَرِّسٌ، وَيُقَالُ لِلتُّرْسِ جَوْبَةٌ، وَالْحَجَفَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَالْفَاءِ هِيَ التُّرْسُ.

قَوْلُهُ: (شَدِيدُ النَّزْعِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالزَّايِ السَّاكِنَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ أَيْ رَمْيُ السَّهْمِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ، وَكَانَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا) أَيْ مِنْ شِدَّةِ الرَّمْيِ.

قَوْلُهُ: (بِجُعْبَةٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ هِيَ الْآلَةُ الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا السِّهَامُ.

قَوْلُهُ: (لَا تُشْرِفُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الْإِشْرَافِ، وَلِأَبِي الْوَقْتِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الشِّينِ أَيْضًا وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَأَصْلُهُ تَتَشَرَّفُ، أَيْ: لَا تَطْلُبُ الْإِشْرَافَ عَلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: (يُصِبْكَ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّهْيِ. وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ: يُصِيبُكَ بِالرَّفْعِ وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى تَقْدِيرِ، كَأَنَّهُ قَالَ مَثَلًا: لَا تُشْرِفُ فَإِنَّهُ يُصِيبُكَ.

قَوْلُهُ: (نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ) أَيْ أَفْدِيكَ بِنَفْسِي.

قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ) أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ (وَأُمَّ سُلَيْمٍ) أَيْ وَالِدَةَ أَنَسٍ.

قَوْلُهُ: (أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ جَمْعُ خَدَمَةٍ وَهِيَ الْخَلَاخِيلُ، وَقِيلَ: الْخَدَمَةُ أَصْلُ السَّاقِ، وَالسُّوقُ جَمْعُ سَاقٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ، وَكَذَا شَرْحُ قَوْلِهِ: تَنْقُزَانِ الْقِرَبِ وَالِاخْتِلَافُ فِي لَفْظِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِ أَبِي طَلْحَةَ) فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ: مِنْ يَدَيِّ بِالتَّثْنِيَةِ.

قَوْلُهُ: (إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا). زَادَ مُسْلِمٌ، عَنِ الدَّارِمِيِّ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِنَ النُّعَاسِ، فَأَفَادَ سَبَبَ وُقُوعِ السَّيْفِ مِنْ يَدِهِ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ: كُنْتُ فِيمَنْ يَغْشَاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدَيَّ مِرَارًا، وَلِأَحْمَدَ، وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقٍ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ وَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَمِيلُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنَ النُّعَاسِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾

الْحَدِيثُ الْحَادِيَ عَشَرَ.

قَوْلُهُ: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أُخْرَاكُمْ) أَيِ احْتَرِزُوا مِنْ جِهَةِ أُخْرَاكُمْ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِمَنْ يَخْشَى أَنْ يُؤْتَى عِنْدَ الْقِتَالِ مِنْ وَرَائِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ لَمَّا تَرَكَ الرُّمَاةُ مَكَانَهُمْ وَدَخَلُوا يَنْتَهِبُونَ عَسْكَرَ الْمُشْرِكِينَ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ.

قَوْلُهُ: (فَرَجَعَتْ أُولَاهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ) أَيْ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مِنَ الْعَدُوِّ، وَقَدْ