للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ فَأَسْأَلَهُ الَّذِي كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتْ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي تَقُولُ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا يُعْطِيكَمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا - أَوْ كَمَا قَالَتْ - وَالنَّبِيُّ يَقُولُ: لَكِ، كَذَا، وَتَقُولُ: كَلَّا وَاللَّهِ، حَتَّى أَعْطَاهَا - حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ. أَوْ كَمَا قَالَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ، وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ هُنَاكَ أَتَمَّ وَتَقَدَّمَ بِاخْتِصَارِ فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ، وَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي فِيهِ هُنَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا وَاسَوْا الْمُهَاجِرِينَ بِنَخِيلِهِمْ لِيَنْتَفِعُوا بِثَمَرِهَا، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ النَّضِيرَ ثُمَّ قُرَيْظَةَ قَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ مِنْ غَنَائِمِهِمْ فَأَكْثَرَ، وَأَمَرَهُمْ بِرَدِّ مَا كَانَ لِلْأَنْصَارِ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهُ، وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَلَّكُوهُمْ رِقَابَ ذَلِكَ، وَامْتَنَعَتْ أُمُّ أَيْمَنَ مِنْ رَدِّ ذَلِكَ ظَنًّا أَنَّهَا مَلَكَتِ الرَّقَبَةَ، فَلَاطَفَهَا النَّبِيُّ لِمَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْحَضَانَةِ حَتَّى عَوَّضَهَا عَنِ الَّذِي كَانَ بِيَدِهَا بِمَا أَرْضَاهَا.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ النَّبِيُّ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ) فِي هَذَا السِّيَاقِ حَذْفٌ يُوَضِّحُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ فَأَعْطَانِيهِ. فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ.

قَوْلُهُ: (وَالنَّبِيُّ يَقُولُ: لَكِ كَذَا) أَيْ يَقُولُ لِأُمِّ أَيْمَنَ: لَكِ كَذَا، فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالنَّبِيُّ يَقُولُ: يَا أُمَّ أَيْمَنَ اتْرُكِيهِ وَلَكِ كَذَا وَقَوْلُهُ: وَلَكِ كَذَا كِنَايَةٌ عَنِ الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَهَا النَّبِيُّ ، قَالَ النَّوَوِيُّ: ظَنَّتْ أُمُّ أَيْمَنَ أَنَّ تِلْكَ الْمِنْحَةَ مُؤَبَّدَةٌ فَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ عَلَيْهَا هَذَا الظَّنَّ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهَا لِكَوْنِهَا حَاضِنَتَهُ وَزَادَهَا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى طَابَ قَلْبُهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَمَا قَالَتْ) إِشَارَةٌ إِلَى شَكٍّ وَقَعَ فِي اللَّفْظِ مَعَ حُصُولِ الْمَعْنَى.

قَوْلُهُ: (حَتَّى أَعْطَاهَا، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ أَوْ كَمَا قَالَ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ حَتَّى أَعْطَاهَا عَشَرَةَ أَمْثَالِها أَوْ قَرِيبًا مِنْ عَشَرَةِ أَمْثَالِهِ وَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَكِ كَذَا أَيْ مِثْلَ الَّذِي لَكِ مَرَّةً، ثُمَّ شَرَعَ يَزِيدُهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِلَى أَنْ بَلَّغَهَا عَشَرَةً. وَفِي الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ، وَفَرْطُ جُودِ النَّبِيِّ وَكَثْرَةُ حِلْمِهِ وَبِرِّهِ، وَمَنْزِلَةُ أُمِّ أَيْمَنَ عِنْدَ النَّبِيِّ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهِيَ وَالِدَةُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَابْنُهَا أَيْمَنُ أَيْضًا لَهُ صُحْبَةٌ وَاسْتُشْهِدَ بِحُنَيْنٍ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ أُسَامَةَ، وَعَاشَتْ أُمُّ أَيْمَنَ بَعْدَ النَّبِيِّ قَلِيلًا. .

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ بِنُزُولٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْمَنَاقِبِ عَالِيًا، وَكَذَا فِي الْمَغَازِي قَبْلَ هَذَا بِقَلِيلٍ.

٤١٢١ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ إِلَى سَعْدٍ فَأَتَى عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ: قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ - أَوْ خَيْرِكُمْ - فَقَالَ: هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ فَقَالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَتَسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ. قَالَ: قَضَيْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ. وَرُبَّمَا قَالَ: بِحُكْمِ الْمَلِكِ.

٤١٢٢ - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ وَهُوَ حِبَّانُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي مَعِيصِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ رَمَاهُ فِي الأَكْحَلِ فَضَرَبَ النَّبِيُّ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ الْخَنْدَقِ وَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنْ الْغُبَارِ فَقَالَ قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ