للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَيْبَرَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهَا السَّابِعَةُ، فَالْمُرَادُ تَارِيخُ الْوَقْعَةِ لَا عَدَدَ الْمَغَازِي، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَقْرَبُ إِلَى إِرَادَةِ السَّنَةِ مِنَ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ وَكَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي السَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ كَمَا يَصِحُّ فِي غَزْوَةِ السَّنَةِ السَّابِعَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلَّى النَّبِيُّ يَعْنِي صَلَاةَ الْخَوْفِ - بِذِي قَرَدٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى نَحْوِ يَوْمٍ مِنَ الْمَدِينَةِ مِمَّا يَلِي بِلَادَ غَطَفَانَ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ: صَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوِّ وَصَفٌّ خَلْفَهُ. فَصَلَّى بِالَّذِي يَلِيهِ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى مَصَافِّ الْآخَرِينَ، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهِ نَحْوَ هَذَا، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ بِذِي قَرَدٍ وَزَادَ فِيهِ: وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلَاةٍ، وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعَدُوَّ كَانُوا فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ.

وَهَذِهِ الصِّفَةُ تُخَالِفُ الصِّفَةَ الَّتِي وَصَفَهَا جَابِرٌ، فَيَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ، لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ مِنْ إِيرَادِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي تَسْمِيَتِهِ الْغَزْوَةَ الْإِشَارَةَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ التَّنْصِيصَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَخَيْبَرُ كَانَتْ قُرْبَ الْحُدَيْبِيَةِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ السَّبَبِ وَالْقَصْدِ، فَإِنَّ سَبَبَ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَا قِيلَ لَهُمْ إِنَّ مُحَارِبَ يجْمَعُونَ لَهُمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ إِلَى بِلَادِ غَطَفَانَ، وَسَبَبُ غَزْوَةِ الْقَرَدِ إِغَارَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَلَى لِقَاحِ الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ، وَدَلَّ حَدِيثُ سَلَمَةَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ هَزَمَهُمْ وَحْدَهُ وَاسْتَنْقَذَ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِلُوا فِي تِلْكَ الْخَرْجَةِ إِلَى بِلَادِ غَطَفَانَ فَافْتَرَقَا، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَقَعَتْ فِي الْغَزْوَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى كَيْفِيَّتَيْنِ فِي صَلَاتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ بَلْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ قَالَ النَّبِيُّ يَوْمَ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ) أَمَّا بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ فَهُوَ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ يُكَنَّى أَبَا يمَامَةَ، وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ بِمِصْرَ، وَأَرْسَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ لِيُفَقِّهَهُمْ فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ. وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُعَلَّقِ، وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَأَمَّا زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ فَهُوَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَيُقَالُ: إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ مَعْرُوفٌ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَيُقَالُ: هُوَ الْغَافِقِيُّ وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ أَيْضًا وَيُقَالُ: إِنَّهُ مِصْرِيٌّ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ. وَقَوْلُهُ: يَوْمَ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ يُؤَيِّدُ مَا وَقَعَ مِنَ الْوَهَمِ فِي أَوَّلِ التَّرْجَمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ إِلَخْ) لَمْ أَرَ هَذَا الَّذِي سَاقَهُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ هَكَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَغَازِي وَلَا غَيْرِهَا، وَالَّذِي فِي السِّيَرة تَهْذِيبِ ابْنِ هِشَامٍ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ إِلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ عَلَى جَمَلٍ لِي صَعْبٍ فَسَاقَ قِصَّةَ الْجَمَلِ. وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَغَزَا نَجْدًا يُرِيدُ بَنِي مُحَارِبَ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ حَتَّى نَزَلَ نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَتَقَارَبَ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ، وَقَدْ أَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ