للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَخُوهُ هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسُلَيْمَانُ شَيْخُهُ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ، فَإِنَّ أَبَا عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَمُحَمَّدٌ هَذَا الرَّاوِي هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ عَلَى لَفْظِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي سَلَمَةَ، وَذَكَرَ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ وَهِيَ عَنْ سِنَانٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ مَعًا قِطْعَةً يَسِيرَةً، فَإِنَّ جَابِرًا أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ قِبَلَ نَجْدٍ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ وَحْدَهُ بِتَمَامِهِ، وَرَأَيْتُهَا مُوَافَقَةً لِرِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ إِلَّا فِي آخِرِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ. وَأَمَّا رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فَفِيهَا اخْتِصَارٌ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا سُلَيْمَانُ بْنُ قَيْسٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ بِحَدِيثٍ. وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بَعْدَهُ، فَذَكَرَ بَعْضَ مَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَزَادَ قِصَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ قِبَلَ نَجْدٍ) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ.

قَوْلُهُ: (فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ) أَيْ وَسَطَ النَّهَارِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ.

قَوْلُهُ: (كَثِيرُ الْعِضَاهِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ: كُلُّ شَجَرٍ يَعْظُمُ لَهُ شَوْكٌ، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ مِنَ السَّمُرِ مُطْلَقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ.

قَوْلُهُ: (فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ تَحْتَ سَمُرَةٍ) أَيْ شَجَرَةٍ كَثِيرَةِ الْوَرَقِ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَاسْتَظَلَّ بِهَا وَيُفَسِّرُهُ مَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِيِّ .

قَوْلُهُ: (قَالَ جَابِرٌ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ) هَذَا السِّيَاقُ يُفَسِّرُ رِوَايَةَ يَحْيَى، فَإِنَّ فِيهَا فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَخْ فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَمْ يَحْضُرْهُ الصَّحَابَةُ وَإِنَّمَا سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ بَعْدَ أَنْ دَعَاهُمْ وَاسْتَيْقَظُوا.

قَوْلُهُ: (أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ) فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ اسْمِهِ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ، أَيْ مُجَرَّدًا عَنْ غِمْدِهِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي)؟ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ وَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْيَمَانِ فِي الْجِهَادِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، أَيْ لَا يَمْنَعُكَ مِنِّي أَحَدٌ؛ لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ كَانَ قَائِمًا وَالسَّيْفُ فِي يَدِهِ وَالنَّبِيُّ جَالِسٌ لَا سَيْفَ مَعَهُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْأَعْرَابِيِّ لَهُ فِي الْكَلَامِ أَنَّ اللَّهَ مَنَعَ نَبِيَّهُ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمَا أَحْوَجَهُ إِلَى مُرَاجَعَتِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى الْحَظْوَةِ عِنْدَ قَوْمِهِ بِقَتْلِهِ، وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ فِي جَوَابِهِ: اللَّهُ أَيْ يَمْنَعُنِي مِنْكَ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ أَعَادَهَا الْأَعْرَابِيُّ فَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى الْجَوَابِ، وَفِي ذَلِكَ غَايَةُ التَّهَكُّمِ بِهِ وَعَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِهِ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ وَظَاهِرُهَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ حَضَرُوا الْقِصَّةَ وَأَنَّهُ إِنَّمَا رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ بِالتَّهْدِيدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي الْجِهَادِ بَعْدَ قَوْلِها: قُلْتُ: اللَّهُ فَشَامَ السَّيْفُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَشَامَهُ وَالْمُرَادُ أَغْمَدَهُ، وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْأَضْدَادِ، يُقَالُ: شَامَهُ إِذَا اسْتَلَّهُ وَشَامَهُ إِذَا أَغْمَدَهُ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا شَاهَدَ ذَلِكَ الثَّبَاتَ الْعَظِيمَ وَعَرَفَ أَنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَحَقَّقَ صِدْقَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ فَأَلْقَى السِّلَاحَ وَأَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ بَعْدَ قَوْلِهِ: قَالَ: اللَّهُ فَدَفَعَ جِبْرِيلُ فِي صَدْرِهِ فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ وَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ أَنْتَ مِنِّي؟ قَالَ: لَا أَحَدَ. قَالَ: قَالَ قُمْ فَاذْهَبْ لِشَأْنِكَ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ فَهَا هُوَ جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ فَيُجْمَعُ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَاذْهَبْ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ الصَّحَابَةَ بِقِصَّتِهِ، فَمَنَّ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ رَغْبَةِ النَّبِيِّ فِي اسْتِئْلَافِ الْكُفَّارِ لِيَدْخُلُوا فِي