للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ مُعْظَمِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ، وَأَذْكُرُ هُنَا مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ هُنَاكَ، وَكَانَ تَوَجُّهُهُ ﷺ مِنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مُسْتَهَلَّ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ فَخَرَجَ قَاصِدًا إِلَى الْعُمْرَةِ فَصَدَّهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، وَوَقَعَتْ بَيْنَهُمُ الْمُصَالَحَةُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ. وَجَاءَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ وَاعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، وَشَذَّ بِذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَ أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ الْجُمْهُورَ، وَمَضَى فِي الْحَجِّ قَوْلُ عَائِشَةَ: مَا اعْتَمَرَ إِلَّا فِي ذِي الْقَعْدَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ ثَلَاثِينَ حَدِيثًا:

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ فِي النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: خَرَجْنَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَرْبَعَ عُمَرَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الْحَجِّ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ أُحْرِمْ هَكَذَا ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مَشْرُوحًا، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ خَرَجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَكُنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى التَّحَلُّلِ مِنْهَا كَمَا سَأُشِيرُ إِلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ فِي تَكْثِيرِ مَاءِ الْبِئْرِ بِالْحُدَيْبِيَةِ بِبَرَكَةِ بُصَاقِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهَا، ذَكَرَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: كُنَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَشَرَةَ مِائَةٍ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمَسِيبِ: بَلَغَنِي عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، فَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ أَنَّهُمْ كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى كَانُوا أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ مُجْمَّعِ بْنِ حَارِثَةَ كَانُوا أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ أَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَمَنْ قَالَ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ.

جَبَرَ الْكَسْرَ، وَمَنْ قَالَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَلْغَاهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَاعْتَمَدَ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ النَّوَوِيُّ، وَأَمَّا الْبَيْهَقِيُّ فَمَالَ إِلَى التَّرْجِيحِ وَقَالَ: إِنَّ رِوَايَةَ مَنْ قَالَ: أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ أَصَحُّ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي سُفْيَانَ كِلَاهُمَا عَنْ جَابِرٍ كَذَلِكَ، وَمِنْ رِوَايَةِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ. قُلْتُ: وَمُعْظَمُ هَذِهِ الطُّرُقِ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ فِي حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ زُهَاءُ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ التَّحْدِيدِ. وَأَمَّا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَلْفًا وَثَلَاثَمِائَةٍ فَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا اطَّلَعَ هُوَ عَلَيْهِ، وَاطَّلَعَ غَيْرُهُ عَلَى زِيَادَةِ نَاسٍ لَمْ يَطَّلِعْ هُوَ عَلَيْهِمْ، وَالزِّيَادَةُ مِنَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ، أَوِ الْعَدَدُ الَّذِي ذَكَرَهُ جُمْلَةً مِنِ ابْتِدَاءِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَدِينَةِ وَالزَّائِدُ تَلَاحَقُوا بِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوِ الْعَدَدُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ عَدَدُ الْمُقَاتِلَةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا مِنَ الْأَتْبَاعِ مِنَ الْخَدَمِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ.

وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ إِنَّهُمْ كَانُوا سَبْعَمِائَةٍ فَلَمْ يُوَافَقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَهُ اسْتِنْبَاطًا مِنْ قَوْلِ جَابِرٍ: نَحَرْنَا الْبَدَنَةَ عَنْ عَشْرَةٍ وَكَانُوا نَحَرُوا سَبْعِينَ بَدَنَةً وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَنْحَرُوا غَيْرَ الْبُدْنِ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَكُنْ أَحْرَمَ أَصْلًا. وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ فِي حَدِيثِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ أَنَّهُم خَرَجُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةٍ، فَيُجْمَعُ أَيْضًا بِأَنَّ الَّذِينَ بَايَعُوا كَانُوا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَانُوا غَائِبِينَ عَنْهَا كَمَنْ تَوَجَّهَ مَعَ عُثْمَانَ إِلَى مَكَّةَ، عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْبِضْعِ يَصْدُقُ عَلَى الْخَمْسِ وَالْأَرْبَعِ فَلَا تَخَالُفَ، وَجَزَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَسِتَّمِائَةٍ، وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَلْفًا وَسَبْعَمِائَةٍ، وَحَكَى ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا