للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ"

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ حَدِيثُ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بِنِ الْحَكَمِ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ.

قَوْلُهُ: (حَفِظْتُ بَعْضَهُ وَثَبَّتَنِي فِيهِ مَعْمَرٌ) بَيَّنَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ الْقَدْرَ الَّذِي حَفِظَهُ سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَالْقَدْرَ الَّذِي ثَبَّتَهُ فِيهِ مَعْمَرٌ، فَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ حَامِدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ إِلَى قَوْلِهِ: فَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ: وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ. . . إِلَخْ مِمَّا ثَبَّتَهُ فِيهِ مَعْمَرٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَفِيهِ قَوْلُ سُفْيَانَ: لَا أَحْفَظُ الْإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ فِيهِ وَأَنَّ عَلِيًّا قَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَرَادَ سُفْيَانُ بِذَلِكَ، هَلْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ الْإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ فِيهِ خَاصَّةً، أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ، وَقَدْ أَزَالَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْإِشْكَالَ وَالتَّرَدُّدَ الَّذِي وَقَعَ لِعَلِيِّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِ الْحَدِيثِ مُسْتَوْفًى فِي الشُّرُوطِ، وَأَنَّهُ أَوْرَدَ هُنَا صَدْرَ الْحَدِيثِ وَاخْتَصَرَ هُنَاكَ، وَسَاقَ هُنَاكَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَاقْتَصَرَ مِنْهُ هُنَا عَلَى الْبَعْضِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا وَقَعَ هُنَا مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَاكَ مِنْ تَسْمِيَةِ عَيْنِهِ الَّذِي بَعَثَهُ وَأَنَّهُ بِشْرُ بْنُ سُفْيَانَ الْخُزَاعِيُّ، وَضُبِطَ غَدِيرُ الْأَشْطَاطِ، وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُ وَرَاءَ عُسْفَانَ. ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ بَعْضًا مِنَ الْحَدِيثِ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ) هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَيَعْقُوبُ هُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ.

قَوْلُهُ: (وَامَّعَضُوا) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ ثُمَّ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ. وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: وَامْتَعَضُوا بِإِظْهَارِ الْمُثَنَّاةِ، وَالْمَعْنَى: شَقَّ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ سَبَقَ بَسْطُهُ فِي الشُّرُوطِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ)؛ أَيْ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا.

قَوْلُهُ: (وَجَاءَتِ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ)؛ أَيْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَيْضًا، وَقَدْ ذَكَرْتُ أَسْمَاءَ مِنْ سُمِّيَ مِنْهُنَّ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ.

قَوْلُهُ: (فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ؛ أَيْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرَةً مُسْلِمَةً. فَقَوْلُهُ: وَهِيَ عَاتِقٌ؛ أَيْ بَلَغَتْ وَاسْتَحَقَّتِ التَّزْوِيجَ وَلَمْ تَدْخُلْ فِي السِّنِّ، وَقِيلَ: هِيَ الشَّابَّةُ، وَقِيلَ: فَوْقَ الْمُعْصِرِ، وَقِيلَ: اسْتَحَقَّتِ التَّخْدِيرَ، وَقِيلَ: بَيْنَ الْبَالِغِ وَالْعَانِسِ، وَتَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ: هَاجَرَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَخَرَجَ أَخَوَاهَا الْوَلِيدُ، وَعُمَارَةُ ابْنَا عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ فَكَلَّمَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِمْ، فَنَقَضَ الْعَهْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فِي النِّسَاءِ خَاصَّةً، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ)؛ أَيْ مِنِ اسْتِثْنَائِهِنَّ مِنْ مُقْتَضَى الصُّلْحِ عَلَى رَدِّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ مَشْرُوحًا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ.

٤١٨٢ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ﴾. وَعَنْ عَمِّهِ قَالَ: بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ. . . فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ.