فَانْطَلَقَ، فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَهِيَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حَيْثُ خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ. الْحَدِيثَ ذَكَرَهُ مِنْ طَرِقٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ)؛ أَيِ الْبُخَارِيُّ الْمُؤَدِّبُ أَبُو اللَّيْثِ، ثِقَةٌ مِنْ أَقْرَانِ الْبُخَارِيِّ، وَسَمِعَ قَبْلَهُ قَلِيلًا، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ. وَأَمَّا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكُوفِيُّ فَذَاكَ يُكَنَّى أبا بَدْرٍ، وَلَمْ يُدْرِكْهُ الْبُخَارِيُّ. قَوْلِهِ: (سَمِعَ النُّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ) هُوَ الْجُرَشِيُّ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، ثِقَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا صَخْرٌ) هُوَ ابْنُ جُوَيْرِيَّةَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ عُمَرَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ. . . إِلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ الْإِرْسَالُ، وَلَكِنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي بَعْدَهَا أَوْضَحَتْ أَنَّه نَافِعًا حَمَلَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الَّذِي آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: (وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ)؛ أَيْ يَلْبِسُ اللَّأْمَةَ بِالْهَمْزِ، وَهِيَ السِّلَاحُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ) كَذَا وَقَعَ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَقَالَ لِي، وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ دُحَيْمٍ - وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِيِّ ﷺ؛ أَيْ مُحِيطُونَ بِهِ، نَاظِرُونَ إِلَيْهِ بِأَحْدَاقِهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ) الْقَائِلُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هُوَ عُمَرُ.
قَوْلُهُ: (قَدْ أَحْدَقُوا) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَوَقَعَ لِلْمُسْتَمْلِي: قَالَ: أَحْدَقُوا جَعَلَ بَدَلَ قَدْ قَالَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَهَذَا السَّبَبُ الَّذِي هُنَا فِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَايَعَ قَبْلَ أَبِيهِ غَيْرُ السَّبَبِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ بَعَثَهُ يُحْضِرُ لَهُ الْفَرَسَ، وَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمَعِينَ فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ مَا شَأْنُهُمْ، فَبَدَأَ بِكَشْفِ حَالِهِمْ فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ فَبَايَعَ، وَتَوَجَّهَ إِلَى الْفَرَسِ فَأَحْضَرَهَا وَأَعَادَ حِينَئِذٍ الْجَوَابَ عَلَى أَبِيهِ. وَأَمَّا ابْنُ التِّينِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ: هَذَا اخْتِلَافٌ، وَلَمْ يُسْنِدْ نَافِعٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ، كَذَا قَالَ، وَالثَّانِيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ فِيهَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا بَيَّنَّاهُ. ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الْمُبَايَعَةَ الْمَذْكُورَةَ إِنَّمَا كَانَتْ حِينَ قَدِمُوا إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرِينَ، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَايَعَ النَّاسَ فَمَرَّ بِهِ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ يُبَايِعُ، الْحَدِيثَ. قُلْتُ: وَبِمِثْلِ ذَلِكَ لَا تُرَدُّ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ، فَقَدْ صَرَّحَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالْقِصَّةُ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا تَقَدَّمَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي الْهِجْرَةِ، وَلَيْسَ فِيمَا نُقِلَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ التَّعَدُّدَ، بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
قَوْلُهُ: (فَبَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ، فَخَرَجَ فَبَايَعَ) هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَتُوَضِّحُهُ الرِّوَايَةُ الَّتِي قَبْلَهُ؛ وَهُوَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا رَأَى النَّاسَ يُبَايِعُونَ بَايَعَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَخَرَجَ وَخَرَجَ مَعَهُ، فَبَايَعَ عُمَرُ