كَيْفِيَّتِهَا فَنُؤْمِنُ بِهَا مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ حَقِيقَتِهَا، انْتَهَى.
وَهَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ وَالَّذِي نَقَلَهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الدَّلَالَةِ لِمَا ادَّعَاهُ، وَلَا مَانِعَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الظَّاهِرِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمَعْهُودِ، وَهُوَ مِنْ قِيَاسِ الْغَائِبِ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَوْنُ الصُّورَةِ الْبَشَرِيَّةِ أَشْرَفُ الصُّوَرِ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَمْلِ الْخَبَرِ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ بَاقِيَةٌ. وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ مُرْسَلِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ جَنَاحَيْ جَعْفَرٍ مِنْ يَاقُوتٍ. وَجَاءَ فِي جَنَاحَيْ جِبْرِيلَ أَنَّهُمَا لُؤْلُؤٌ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَنْدَهْ فِي تَرْجَمَةِ وَرَقَةَ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ إِلَّا الصَّحَابِيَّ.
قَوْلُهُ: (دُقَّ فِي يَدَيَّ) بِضَمِّ الدَّالِ فَسَّرَهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: انْقَطَعَتْ.
قَوْلُهُ: (يَمَانِيَةٌ) بِتَخْفِيفِ التَّحْتَانِيَّةِ وَحُكِيَ تَشْدِيدُهَا، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَتَلُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَثِيرًا، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ رَافَقَهُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ، فَقَتَلَ رُومِيًّا وَأَخَذَ سَلَبَهُ، فَاسْتَكْثَرَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَشَكَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَامَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْأَمْرِ، وَهُوَ يُرَجِّحُ أَنَّ خَالِدًا لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى حَوْزِ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّجَاةِ بِهِمْ بَلْ بَاشَرَ الْقِتَالَ، فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ.
٤٢٦٧ - حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ﵄ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي وَاجَبَلَاهْ وَاكَذَا وَاكَذَا تُعَدِّدُ عَلَيْهِ فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ؟
٤٢٦٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ. . . بِهَذَا فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ حُصَيْنٍ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَامِرٌ هُوَ الشَّعْبِيُّ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: (أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ) أَيِ ابْنِ ثَعْلَبِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الْأَنْصَارِيِّ الْخَزْرَجِيِّ أَحَدِ شُعَرَاءِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَحَدِ النُّقَبَاءِ بِالْعَقَبَةِ وَأَحَدِ الْبَدْرِيِّينَ.
قَوْلُهُ: (فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ) هِيَ وَالِدَةُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ أَنَّهَا أُمُّهُ، وَهُوَ خَطَأٌ، فَلَوْ كَانَتْ أُمُّهُ تُسَمَّى عَمْرَةَ لَجَوَّزْتُ وُقُوعَ ذَلِكَ لَهُمَا، وَلَكِنَّ اسْمَ أُمِّهِ كَبْشَةُ بِنْتُ وَاقَدٍ، وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ خَلَفٌ فِي مُسْنَدِ النُّعْمَانِ، وَذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَهُوَ وَاضِحٌ، لِأَنَّ الْمَتْنَ مَنْقُولٌ عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ أَيْضًا فِي مُسْنَدِ عَمْرَةَ لِقَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ: لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ أَيْ عَمْرَةُ فَهُوَ نَقْلٌ مِنَ النُّعْمَانِ مَا صَنَعَتْ أُمُّهُ، وَلَمَّا قَالَ خَالُهُ، لَكِنْ يَصْغُرُ النُّعْمَانُ عَنْ إِدْرَاكِ ذَلِكَ مِنْ خَالِهِ، فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا نَقَلَ جَمِيعَ ذَلِكَ عَنْ أُمِّهِ فَيَكُونَ الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ النُّعْمَانِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أَخِيهَا، فَيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ثَلَاثَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي نَسَقٍ.
قَوْلُهُ: (وَاجَبَلَاهْ وَاكَذَا وَاكَذَا تُعَدِّدُ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ، عَنْ حُصَيْنٍ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَاعَضُدَاهْ وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ وَاجَبَلَاهْ، وَاعِزَّاهْ وَفِي مُرْسَلِ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عِنْدَهُ وَاظَهْرَاهْ وَزَادَ فِيهِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ عَادَهُ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَجَلُهُ قَدْ حَضَرَ فَيَسِّرْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَاشْفِهِ. قَالَ: فَوَجَدَ خِفَّةً، فَقَالَ: