قَوْلُهُ: (بَابُ غَزْوَةِ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ) أَيْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّهُ ﷺ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ أَبَا رُهْمٍ الْغِفَّارِيَّ.
قَوْلُهُ: (قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ) قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الصِّيَامِ. وَبَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ اللَّيْثِ مَا حَذَفَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ سَاقَهُ إِلَى قَوْلِهِ: وَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ وَزَادَ لَا أَدْرِي أَخَرَجَ فِي شَعْبَانَ فَاسْتَقْبَلَهُ رَمَضَانُ، أَوْ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ بَعْدَمَا دَخَلَ، غَيْرَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي فَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، فَحَذَفَ الْبُخَارِيُّ مِنْهُ التَّرَدُّدَ الْمَذْكُورَ. ثُمَّ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ لِثْلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَأَنَّ ابْنَ أَبِي حَفْصَةَ أَدْرَجَهُ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ قَزَعَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ عَامَ الْفَتْحِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهَذَا يَدْفَعُ التَّرَدُّدَ الْمَاضِي وَيُعَيِّنُ يَوْمَ الْخُرُوجِ، وَقَوْلُ الزُّهْرِيِّ يُعَيِّنُ يَوْمَ الدُّخُولِ وَيُعْطِي أَنَّهُ أَقَامَ فِي الطَّرِيقِ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا. وَأَمَّا مَا قَالَ الْوَاقِدِيُّ إِنَّهُ خَرَجَ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ فَلَيْسَ بِقَوِيٍّ لِمُخَالَفَتِهِ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ.
وَفِي تَعْيِينِ هَذَا التَّارِيخِ أَقْوَالٌ أُخْرَى: مِنْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ لِسِتَّ عَشْرَةَ وَلِأَحْمَدَ لِثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَفِي أُخْرَى لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ بِحَمْلِ إِحْدَاهُمَا عَلَى مَا مَضَى وَالْأُخْرَى عَلَى مَا بَقِيَ، وَالَّذِي فِي الْمَغَازِي: دَخَلَ لِتِسْعَ عَشْرَةَ مَضَتْ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ. وَوَقَعَ فِي أُخْرَى بِالشَّكِّ فِي تِسْعَ عَشْرَةَ أَوْ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَرَوَى يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخِهِ أَنَّ الْفَتْحَ كَانَ فِي عَشْرٍ بَقَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ.
قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيةِ: (وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْقَبَائِلِ. وَفِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ، وَابْنِ عَائِذٍ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَسْلَمَ وَغِفَارَ وَمُزَيْنَةَ وَجُهَيْنَةَ وَسَلِيمٍ وَكَذَا وَقَعَ فِي الْإِكْلِيلِ وَشَرَفِ الْمُصْطَفَى وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَشَرَةَ آلَافٍ خَرَجَ بِهَا مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَلَاحَقَ بِهَا الْأَلْفَانِ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ الَّذِي بَعْدَ هَذَا.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ) هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ عَلَى رَأْسِ سَبْعِ سِنِينَ وَنِصْفٍ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الْوَهْمُ مِنْ كَوْنِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ كَانَتْ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَمِنْ أَثْنَاءِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى أَثْنَاءِ رَمَضَانَ نِصْفُ سَنَةٍ سَوَاءٌ، فَالتَّحْرِيرُ أَنَّهَا سَبْعُ سِنِينَ وَنِصْفٌ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ بِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى التَّارِيخِ بِأَوَّلِ السَّنَةِ مِنَ الْمُحَرَّمِ، فَإِذَا دَخَلَ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ شَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أُطْلِقَ عَلَيْهَا سَنَةٌ مَجَازًا مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَعْضِ بِاسْمِ الْكُلِّ، وَيَقَعُ ذَلِكَ فِي آخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَمِنْ ثَمَّ إِلَى رَمَضَانَ نِصْفُ سَنَةٍ. أَوْ يُقَالُ: كَانَ آخِرُ شَعْبَانَ تِلْكَ السَّنَةِ آخِرَ سَبْعِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ أَوَّلِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا دَخَلَ رَمَضَانَ دَخَلَ سَنَةٌ أُخْرَى. وَأَوَّلُ السَّنَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَأْسُهَا فَيَصِحُّ أَنَّهُ رَأْسُ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ، أَوْ أَنَّ رَأْسَ الثَّمَانِ كَانَ أَوَّلَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدُهُ نِصْفُ سَنَةٍ.
قَوْلُهُ: (يَصُومُ وَيَصُومُونَ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ.
قَوْلُهُ: في رواية (خَالِدٌ) هُوَ الْحَذَّاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute