أَيْ يَرْجِعَ إِلَى الْيَمَنِ، وَالتَّعْقِيبُ أَنْ يَعُودَ بَعْضُ الْعَسْكَرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ لِيُصِيبُوا غَزْوَةً مِنَ الْغَدِ، كَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: غَزَاةٌ بَعْدَ غَزَاةٍ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ يُرْسِلُ الْعَسْكَرَ إِلَى جِهَةٍ مُدَّةً فَإِذَا انقضت رَجَعُوا وَأَرْسَلَ غَيْرَهُمْ، فَمَنْ شَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنَ الْعَسْكَرِ الْأَوَّلِ مَعَ الْعَسْكَرِ الثَّانِي سُمِّيَ رُجُوعُهُ تَعْقِيبًا.
قَوْلُهُ: (فَغَنِمْتُ أَوَاقِيَّ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا.
وَقَوْلُهُ: (ذَوَاتِ عَدَدٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَحْرِيرِهَا.
(تَنْبِيهٌ): أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ أَبِي السَّفَرِ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ يُوسُفَ وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ فَزَادَ فِيهِ: قَالَ الْبَرَاءُ: فَكُنْتُ مِمَّنْ عَقِبَ مَعَهُ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ خَرَجُوا إِلَيْنَا، فَصَلَّى بِنَا عَلِيٌّ وَصَفَّنَا صَفًّا وَاحِدًا ثُمَّ تَقَدَّمَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَسْلَمَتْ هَمْدَانُ جَمِيعًا، فَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَى هَمْدَانَ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْأَحْوَصِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ قِصَّةُ الْجَارِيَةِ، وَسَأَذْكُرُ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ بُرَيْدَةَ:
٤٣٥٠ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ ﵁ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدْ اغْتَسَلَ فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلَا تَرَى إِلَى هَذَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةُ، أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: لَا تُبْغِضْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ مَنْجُوفٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَعَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ سَدُوسِيٌّ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ) أَيِ ابْنِ الْوَلِيدِ (لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ) أَيْ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ الَّتِي سَأَذْكُرُهَا لِيَقْسِمَ الْخُمُسَ.
قَوْلُهُ: (وَكُنْتُ أَبْغَضُ عَلِيًّا وَقَدِ اغْتَسَلَ فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلَا تَرَى) هَكَذَا وَقَعَ عِنْدَهُ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ إِلَى رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ فَقَالَ فِي سِيَاقِهِ: بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْسِمَ الْخُمُسَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ لِيَقْسِمَ الْفَيْءَ، فَاصْطَفَى عَلِيٌّ مِنْهُ لِنَفْسِهِ سَبِيئَةً بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ هَمْزَةٌ أَيْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فَأَخَذَ مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ أَصْبَحَ يَقْطُرُ رَأْسُهُ، فَقَالَ خَالِدٌ، لِبُرَيْدَةَ: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَ هَذَا؟ قَالَ بُرَيْدَةَ: وَكُنْتُ أَبْغَضُ عَلِيًّا وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْجَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَبْغَضْتُ عَلِيًّا بُغْضًا لَمْ أَبْغَضْهُ أَحَدًا، وَأَحْبَبْتُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ لَمْ أُحِبَّهُ إِلَّا عَلَى بُغْضِهِ. عَلِيًّا، قَالَ: فَأَصَبْنَا سَبْيًا فَكَتَبَ - أَيِ الرَّجُلُ - إِلَى النَّبِيِّ ﷺ: ابْعَثْ إِلَيْنَا مَنْ يُخَمِّسُهُ، قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْنَا عَلِيًّا، وَفِي السَّبْيِ وَصِيفَةٌ هِيَ أَفْضَلُ السَّبْيِ، قَالَ: فَخَمَّسَ وَقَسَمَ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ - فَقُلْتُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْوَصِيفَةِ، فَإِنَّهَا صَارَتْ فِي الْخُمُسِ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ صَارَتْ فِي آلِ عَلِيٍّ فَوَقَعْتُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ) فِي رِوَايَةِ - عَبْدِ الْجَلِيلِ فَكَتَبَ الرَّجُلُ: إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالْقِصَّةِ، فَقُلْتُ: ابْعَثْنِي فَبَعَثَنِي فَجَعَلَ يَقْرَأُ الْكِتَابَ وَيَقُولُ: صَدَقَ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةُ أَتَبْغَضُ عَلِيًّا؟