للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ - فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا، وَفِي آخِرِهِ - وَشَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ Object الْجُوعَ فَقَالَ: عَسَى اللَّهُ أَنْ يُطْعِمَكُمْ. فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ فَزَخَرَ الْبَحْرُ زَخْرَةً، فَأَلْقَى دَابَّةً، فَأَوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ فَاطَّبَخْنَا وَاشْتَوَيْنَا وَأَكَلْنَا وَشَبِعْنَا. قَالَ جَابِرٌ: فَدَخَلْتُ أنا وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ حَتَّى عَدَّ خَمْسَةً فِي حِجَاجِ عَيْنِهَا وَمَا يَرَانَا أَحَدٌ، حَتَّى خَرَجْنَا وَأَخَذْنَا ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهَا فَقَوَّسْنَاهُ، ثُمَّ دَعَوْنَا بِأَعْظَمِ رَجُلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ جَمَلٍ فِي الرَّكْبِ وَأَعْظَمِ كِفْلٍ فِي الرَّكْبِ فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأْطِئُ رَأْسَهُ. وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ Object، لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ: فَأَتَيْنَا سِيفَ الْبَحْرِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى شَيْءٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَبَعَثَنَا النَّبِيُّ Object فِي سَفَرٍ فَأَتَيْنَا إِلَخْ، فَيَتَحَدُّ مَعَ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ.

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: (فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْمُسْتَمْلِيِّ مِنْ أَعْضَائِهِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ لِأَنَّ فِي السِّيَاقِ قَالَ سُفْيَانَ مَرَّةً: ضِلْعًا مِنْ أَعْضَائِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى مِنْ أَضْلَاعِهِ.

قَوْلُهُ في الرواية الثانية: (وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ) أَيْ عِنْدَمَا جَاعُوا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْخَوْلَانِيِّ سَبْعَ جَزَائِرَ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ عَمْرٌو) هُوَ ابْنُ دِينَارٍ، وَأَبُو صَالِحٍ هُوَ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ.

قَوْلُهُ: (أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لِأَبِيهِ: كُنْتُ فِي الْجَيْشِ فَجَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ) وَهَذَا صُورَتُهُ مُرْسَلٌ؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ لَمْ يُدْرِكْ زَمَانَ تَحْدِيثِ قَيْسٍ لِأَبِيهِ، لَكِنَّهُ فِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ مَوْصُولٌ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظِهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي وَكُنْتُ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ جَيْشِ الْخَبَطِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، قَالَ لِي: انْحَرْ. قُلْتُ: نَحَرْتُ فَذَكَرَهُ وَفِي آخِرِهِ قُلْتُ: نَهَيْتُ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ لَمَّا رَأَى مَا بِالنَّاسِ قَالَ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي تَمْرًا بِالْمَدِينَةِ بِجَزُورٍ هُنَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُهَيْنَةَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَانْتَسَبَ لَهُ، فَقَالَ: عَرَفْتُ نَسَبَكَ. فَابْتَاعَ مِنْهُ خَمْسَ جَزَائِرَ بِخَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَأَشْهَدَ لَهُ نَفَرًا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَامْتَنَعَ عُمَرُ لِكَوْنِ قَيْسٍ لَا مَالَ لَهُ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: مَا كَانَ سَعْدٌ لِيَجْنِيَ بِابْنِهِ فِي أَوَسُقِ تَمْرٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدًا فَغَضِبَ وَوَهَبَ لِقَيْسٍ أَرْبَعَ حَوَائِطَ أَقَلُّهَا يَجُذُّ خَمْسِينَ وَسْقًا. وَزَادَ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: لَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا شَأْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ Object: إِنَّ الْجُودَ مِنْ شِيمَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَفِي حَدِيثِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بَلَغَهُمُ الْجَهْدُ الَّذِي قَدْ أَصَابَ الْقَوْمَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: إِنْ يَكُ قَيْسٌ كَمَا أَعْرِفُ فَسَيَنْحَرْ لِلْقَوْمِ.

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ: (وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ) كَذَا لَهُمْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ.

قَوْلُهُ: (وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ) الْقَائِلُ هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ مِنْهُ، فَآتَاهُ بَعْضُهُمْ) بِالْمَدِّ أَيْ فَأَعْطَاهُ (فَأَكَلَهُ) وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ بِعُضْوٍ مِنْهُ فَأَكَلَهُ قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ الْوَجْهُ. قُلْتُ: فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْهُ الْبُخَارِيُّ وَكَانَ مَعَنَا مِنْهُ شَيْءٌ، فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَيْهِ بَعْضُ الْقَوْمِ فَأَكَلَ مِنْهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ، فَلَمَّا قَدِمُوا ذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ Object فَقَالَ: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّا نُدْرِكُهُ لَمْ يُرَوِّحْ لَأَحْبَبْنَا لَوْ كَانَ عِنْدنَا مِنْهُ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ازْدِيَادًا مِنْهُ بَعْدَ أَنْ أَحْضَرُوا لَهُ مِنْهُ مَا ذُكِرَ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُحْضِرُوا لَهُ مِنْهُ وَكَانَ الَّذِي أَحْضَرُوهُ مَعَهُمْ لَمْ يُرَوَّحْ فَأَكَلَ Object عِشْرِينَ بَدَنَةً. ثُمَّ ذَكَرَ الْمَصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ Object بَعَثَهُ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِّ مُشْرِكٌ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة تَامّ السِّيَاق، وَيَأْتِي تَمَام شَرْحه هُنَاكَ.

ثانيهما: حَدِيث الْبَرَاء آخِر سُورَة نَزَلَتْ كَامِلَة بَرَاءَة منه، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا مَشْرُوعِيَّةُ الْمُوَاسَاةِ بَيْنَ الْجَيْشِ عِنْدَ وُقُوعِ الْمَجَاعَةِ، وَأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى الطَّعَامِ يَسْتَدْعِي الْبَرَكَةَ فِيهِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نَهْيِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَيْسًا أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إِطْعَامِ