للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ .

٤٣٨٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: الْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا، هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ.

٤٣٩٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ (الْإِيمَانُ هَاهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ) أَيْ إِلَى جِهَةِ الْيَمَنِ ; وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَهْلَ الْبَلَدِ لَا مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا.

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُلَيْمَانَ) هُوَ الْأَعْمَشُ، وَذَكْوَانُ هُوَ ابن صَالِحٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ إِلَخْ) أَوْرَدَهُ لِوُقُوعِ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِ الْأَعْمَشِ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ وَقَدْ وَصَلَهُ أَحْمَدُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَخُوهُ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَسُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ بِلَالٍ، وَثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ هُوَ الْمَدَنِيُّ، وَأَمَّا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ فَأَبُوهُ بِزِيَادَةِ تَحْتَانِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ، وَأَبُو الْغَيْثِ اسْمُهُ سَالِمٌ.

قَوْلُهُ: (الْإِيمَانُ يَمَانٍ) فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ الَّتِي بَعْدَهَا الْفِقْهُ يَمَانٍ، وَفِيهَا وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ وَفِي أَوَّلِهَا وَأَوَّلِ رِوَايَةِ ذَكْوَانَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُوَ خِطَابٌ لِلصَّحَابَةِ الَّذِينَ بِالْمَدِينَةِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ إِلَخْ وَفِي رِوَايَةِ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ، وَزَادَ فِيهَا السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ. وَزَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْغَيْثِ وَالْفِتْنَةُ هاهُنَا حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ السَّادِسُ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَتَقَدَّمَ شَرْحُ سَائِرِ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْمَنَاقِبِ وَفِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَأَشَرْتُ هُنَاكَ إِلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ تَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: الْإِيمَانُ يَمَانٍ الْأَنْصَارُ وَغَيْرَ ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: الْإِيمَانُ يَمَانٍ أَنَّ مَبْدَأَ الْإِيمَانِ مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ مِنْ تِهَامَةَ، وَتِهَامَةُ مِنَ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَدَرَ وَهُوَ بِتَبُوكَ، فَتَكُونُ الْمَدِينَةُ حِينَئِذٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَمَانِيَّةٌ، وَالثَّالِثُ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْأَنْصَارُ؛ لِأَنَّهُمْ يَمَانِيُّونَ فِي الْأَصْلِ فَنَسَبَ الْإِيمَانَ إِلَيْهِمْ لِكَوْنِهِمْ أَنْصَارَهُ. وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ تَأَمَّلُوا أَلْفَاظَ الْحَدِيثِ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ خِطَابٌ لِلنَّاسِ وَمِنْهُمُ الْأَنْصَارُ، فَيَتَعَيَّنَ أَنَّ الَّذِي جَاءُوا غَيْرُهُمْ، قَالَ: وَمَعْنَى الْحَدِيثَ وَصْفُ الَّذِينَ جَاءُوا بِقُوَّةِ الْإِيمَانِ وَكَمَالِهِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ، قَالَ: ثُمَّ الْمُرَادُ الْمَوْجُودُونَ حِينَئِذٍ مِنْهُمْ لَا كُلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي كُلِّ زَمَانٍ انْتَهَى. وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: الْإِيمَانُ يَمَانٍ مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: يَمَانٍ يَشْمَلُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ بِالسُّكْنَى وَبِالْقَبِيلَةِ، لَكِنْ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ بِالسُّكْنَى أَظْهَرُ.

بَلْ هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَحْوَالِ سُكَّانِ جِهَةِ الْيَمَنِ وَجِهَةِ الشِّمَالِ، فَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ رِقَاقُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ غِلَاظُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَقَدْ قَسَمَ فِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ أَهْلَ الْجِهَاتِ الثَّلَاثَةِ: الْيَمَنَ وَالشَّامَ وَالْمَشْرِقَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَغْرِبِ