الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: حَدِيثُ جَرِيرٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِّ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ نَخَعِيٌّ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، لَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي مَوَاضِعَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وَهْمِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْلَامَ جَرِيرٍ كَانَ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ حِجَّةَ الْوَدَاعِ كَانَتْ قَبْلَ وَفَاتِهِ ﷺ بِأَكْثَرِ مِنْ ثَمَانِينَ يَوْمًا، وَقَدْ ذَكَرَ جَرِيرٌ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ حِجَّةَ الْوَدَاعِ.
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ.
٤٤٠٦ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ - ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ - وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: أَلَيْسَ ذُو الْحِجَّةِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ - عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلَا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا لِيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ - فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ: صَدَقَ مُحَمَّدٌ ﷺ ثُمَّ قَالَ: أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (عَبْدُ الْوَهَّابِ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ أَبِي بَكْرَةَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ الْحَدِيثَ فِي الْعِلْمِ وَفِي الْحَجِّ، وَقَوْلُهُ فِي الْآيَةِ: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ قِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الْمُحَرَّمِ أَوَّلَ السَّنَةِ أَنْ يَحْصُلَ الِابْتِدَاءُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ وَيُخْتَمَ بِشَهْرٍ حَرَامٍ، وَتُتَوَسَّطَ السَّنَةُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ وَهُوَ رَجَبٌ، وَإِنَّمَا تَوَالَى شَهْرَانِ فِي الْآخِرِ لِإِرَادَةِ تَفْضِيلِ الْخِتَامِ، وَالْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ.
٤٤٠٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْيَهُودِ قَالُوا: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا. فَقَالَ عُمَرُ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقَالُوا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾ فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ: أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ.
قَوْلُهُ: (إنَّ أُنَاسًا مِنَ الْيَهُودِ) تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِلَفْظِ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ وَبَيَّنْتُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ كَعْبُ الْأَحْبَارِ، وَفِيهِ إِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ كَانَ أَسْلَمَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ صَدَرَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، لَكِنْ قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ أَسْلَمَ وَهُوَ بِالْيَمَنِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ، فَإِنْ ثَبَتَ احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ سَأَلُوا جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute