الْوَفْدَ أَيْ أَعْطُوهُمْ، وَالْجَائِزَةُ الْعَطِيَّةُ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ أَنَّ نَاسًا وَفَدُوا عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَقَالَ: أَجِيزُوهُمْ فَصَارُوا يُعْطُونَ الرَّجُلَ وَيُطْلِقُونَهُ فَيَجُوزُ عَلَى الْقَنْطَرَةِ مُتَوَجِّهًا فَسُمِّيَتْ عَطِيَّةُ مَنْ يَقْدَمُ عَلَى الْكَبِيرِ جَائِزَةً، وَتُسْتَعْمَلُ أَيْضًا فِي إِعْطَاءِ الشَّاعِرِ عَلَى مَدْحِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ بِنَحْوِ: مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ أَيْ بِقَرِيبٍ مِنْهُ، وَكَانَتْ جَائِزَةُ الْوَاحِدِ عَلَى عَهْدِهِ ﷺ وُقِيَّةً مِنْ فِضَّةٍ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا) يُحْتمُل أَنْ يَكُونَ الْقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ثُمَّ وَجَدْتُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ. وَفِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ سُلَيْمَانُ أَيِ ابْنُ أَبِي مُسْلِمٍ: لَا أَدْرِي أَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الثَّالِثَةَ فَنَسِيتُهَا أَوْ سَكَتَ عَنْهَا. وَهَذَا هُوَ الْأَرْجَحُ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: الثَّالِثَةُ لِلْوَصِيَّةِ بِالْقُرْآنِ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ التِّينِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ: بَلْ هُوَ تَجْهِيزُ جَيْشِ أُسَامَةَ، وَقَوَّاهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا اخْتَلَفُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي تَنْفِيذِ جَيْشِ أُسَامَةَ قَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ قَوْلُهُ: وَلَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا فَإِنَّهَا ثَبَتَتْ فِي الْمُوَطَّأِ مَقْرُونَةً بِالْأَمْرِ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا قَوْلُهُ: الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ.
قَوْلُهُ في الرواية الثانية: (فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ) أَيْ مَنْ كَانَ فِي الْبَيْتِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُرِدْ أَهْلَ بَيْتِ النَّبِيِّ ﷺ. قَوْلُهُ فِيهَا (فَقَالَ: قُومُوا) زَادَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَقَالَ: قُومُوا عَنِّي.
٤٤٣٣، ٤٤٣٤ - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: دَعَا النَّبِيُّ ﷺ فَاطِمَةَ ﵍ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ فَضَحِكَتْ فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ فَضَحِكْتُ.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمُهْمَلَةِ، وَوَالِدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (دَعَا النَّبِيُّ ﷺ فَاطِمَةَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ) وَفِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ كَمَا مَضَتْ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَرْحَبًا بِبِنْتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ سَارَّهَا، وَلِأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِقِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ، وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ قَامَ إِلَيْهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ، فَلَمَّا مَرِضَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ تُقَبِّلُهُ. وَاتَّفَقَتِ الرِّوَايَتَانِ عَلَى أَنَّ الَّذِي سَارَّهَا بِهِ أَوَّلًا فَبَكَتْ هُوَ إِعْلَامُهُ إِيَّاهَا بِأَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَا فِيمَا سَارَّهَا بِهِ ثَانِيًا فَضَحِكَتْ فَفِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ أَنَّهُ إِخْبَارُهُ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ.
وَفِي رِوَايَةِ مَسْرُوقٍ: أَنَّهُ إِخْبَارُهُ إِيَّاهَا بِأَنَّهَا سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَجَعَلَ كَوْنَهَا أَوَّلَ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ مَضْمُومًا إِلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَإِنَّ حَدِيثَ مَسْرُوقٍ يَشْتَمِلُ عَلَى زِيَادَاتٍ لَيْسَتْ فِي حَدِيثِ عُرْوَةَ وَهُوَ مِنَ الثِّقَاتِ الضَّابِطِينَ فَمَا زَادَهُ مَسْرُوقٌ قَوْلُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأَفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute