الْمَرَضِ.
قَوْلُهُ: (أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ الْعَصَا) هُوَ كِنَايَةٌ عَمَّنْ يَصِيرُ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَمُوتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَتَصِيرُ أَنْتَ مَأْمُورًا عَلَيْكَ، وَهَذَا مِنْ قُوَّةِ فِرَاسَةِ الْعَبَّاسِ ﵁.
قَوْلُهُ: (لَأَرَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنَ الِاعْتِقَادِ وَبِضَمِّهَا بِمَعْنَى الظَّنِّ، وَهَذَا قَالَهُ الْعَبَّاسُ مُسْتَنِدًا إِلَى التَّجْرِبَةِ، لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ.
قَوْلُهُ: (هَذَا الْأَمْرُ) أَيِ الْخِلَافَةُ. وَفِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ فَنَسْأَلُهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُ، فَإِنِ اسْتَخْلَفَ مِنَّا فَذَاكَ.
قَوْلُهُ: (فَأَوْصَى بِنَا) فِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ وَإِلَّا أَوْصَى بِنَا فَحُفِظْنَا مِنْ بَعْدِهِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى فَقَالَ عَلِيٌّ: وَهَلْ يَطْمَعُ فِي هَذَا الْأَمْرِ غَيْرُنَا. قَالَ: أَظُنُّ وَاللَّهِ سَيَكُونُ.
قَوْلُهُ: (لَا يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ) أَيْ يَحْتَجُّونَ عَلَيْهِمْ بِمَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِيَّاهُمْ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ.
قَوْلُهُ: (لَا أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ) أَيْ لَا أَطْلُبُهَا مِنْهُ، وَزَادَ ابْنُ سَعْدٍ فِي مُرْسَلِ الشَّعْبِيِّ فِي آخِرِهِ فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ الْعَبَّاسُ، لِعَلِيٍّ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ تُبَايِعْكَ النَّاسُ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ أَنَّ عَلِيًّا سَأَلَهُ عَنْهَا كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ مَالِهِ وَوَلَدِهِ وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَقِيَنِي الْعَبَّاسُ - فَذَكَرَ نَحْوَ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِاخْتِصَارٍ وَفِي آخِرهَا - قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ: يَا لَيْتَنِي أَطَعْتُ عَبَّاسًا، يَا لَيْتَنِي أَطَعْتُ عَبَّاسًا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانَ مَعْمَرٌ يَقُ لُ لَنَا: أَيُّهُمَا كَانَ أَصْوَبَ رَأْيًا؟ فَنَقُولُ الْعَبَّاسُ. فَيَأْبَى وَيَقُولُ: لَوْ كَانَ أَعْطَاهَا عَلِيًّا فَمَنَعَهُ النَّاسُ لَكَفَرُوا.
٤٤٤٨ - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ أَنَسٌ: وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: حَدِيثُ أَنَسٍ (أَنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَعَ الْقَوْمِ الْحَدِيثَ، وَفَسَّرَهَا بِأَنَّهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ فَلَا يَصِحُّ لِحَدِيثِ الْبَابِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ صَلَاةَ الظُّهْرِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ) زَادَ أَبُو الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ وَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّلَاةِ. وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ بَكَى النَّاسُ، فَقَامَ عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: أَلَا لَا أَسْمَعَنَّ أَحَدًا يَقُولُ: مَاتَ مُحَمَّدٌ الْحَدِيثَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ، وَهِيَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.
قَوْلُهُ: (وَتُوُفِّيَ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ) يَخْدِشُ فِي جَزْمِ ابْنِ إِسْحَاقَ بِأَنَّهُ مَاتَ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ إِطْلَاقَ الْآخِرِ بِمَعْنَى ابْتِدَاءِ الدُّخُولِ فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي مِنَ النَّهَارِ وَذَلِكَ عِنْدَ