للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾ أَيْ: عُقُوبَةً لِمَا خَلَا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾ أَيْ: عِبْرَةً لِمَنْ بَقِيَ بَعْدَهُمْ مِنَ النَّاسِ.

قَوْلُهُ: ﴿لا شِيَةَ﴾ فِيهَا لَا بَيَاضَ فِيهَا) تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ يُولُونَكُمْ) هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَالْغَيْرُ الْمَذْكُورُ هُوَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنَّفِ وَكَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى فِي الْمَجَازِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:

إِذَا مَا الْمَلْكُ سَامَ النَّاسَ خَسْفًا … أَبَيْنَا أَنْ نُقِرَّ الْخَسْفَ فِينَا

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السَّوْمُ بِمَعْنَى الدَّوَامِ أَيْ: يُدِيمُونَ تَعْذِيبَكُمْ، وَمِنْهُ سَائِمَةُ الْغَنَمِ لِمُدَاوَمَتِهَا الرَّعْيَ. وَقَالَ: الطَّبَرِيُّ مَعْنَى ﴿يَسُومُونَكُمْ﴾ يُورِدُونَكُمْ، أَوْ: يُذِيقُونَكُمْ، أَوْ: يُولُونَكُمْ.

قَوْلُهُ: (الْوَلَايَةُ مَفْتُوحَةً) أَيْ: مَفْتُوحَةَ الْوَاوِ (مَصْدَرُ الْوَلَاءِ وَهِيَ الرُّبُوبِيَّةُ وَإِذَا كُسِرَتِ الْوَاوُ فَهِيَ الْإِمَارَةُ) هُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ الْوَلَايَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرُ الْوَلْيِ، وَبِالْكَسْرِ، وَوَلِيتَ الْعَمَلَ وَالْأَمْرَ تَلِيهِ. وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْكَهْفِ لَا فِي الْبَقَرَةِ لِيُقَوِّيَ تَفْسِيرَ يَسُومُونَكُمْ يُولُونَكُمْ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ) هَذَا حَكَاهُ الْفَرَّاءُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ عَنْ عَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ قَالَ: الْفُومُ كُلُّ حَبٍّ يُخْتَبَزُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ الْفُومَ الْحِنْطَةُ، وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثُّومُ بِالْمُثَلَّثَةِ. وَبِهِ فَسَّرَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَالْفَاءُ تُبَدَلُ مِنَ الثَّاءِ فِي عِدَّةِ أَسْمَاءٍ فَيَكُونُ هَذَا مِنْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ: قَتَادَةُ ﴿فَبَاءُوا﴾ فَانْقَلَبُوا) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿يَسْتَفْتِحُونَ﴾ يَسْتَنْصِرُونَ) هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَرَوَى مِثْلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَيْ يَسْتَظْهِرُونَ. وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُمْ قَالُوا: فِينَا وَفِي الْيَهُودِ نَزَلَتْ، وَذَلِكَ أَنَّا كُنَّا قَدْ عَلَوْنَاهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَاتَّبَعْنَاهُ كَفَرُوا بِهِ، فَنَزَلَتْ. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُطَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (شَرَوْا بَاعُوا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ أَيْ: بَاعُوا،، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ.

قَوْلُهُ: ﴿رَاعِنَا﴾ مِنَ الرُّعُونَةِ، إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا قَالُوا رَاعِنَا) قُلْتُ: هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ نَوَّنَ وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَبِي حَيْوَةَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: لَا تَقُولُوا قَوْلًا رَاعِنًا، أَيْ: قَوْلًا ذَا رُعُونَةٍ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: الرَّاعِنُ: السِّخْرِيُّ مِنَ الْقَوْلِ، نَهَاهُمُ اللَّهُ أَنْ يَسْخَرُوا مِنْ مُحَمَّدٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُضَمَّنَ الْقَوْلُ التَّسْمِيَةَ، أَيْ: لَا تُسَمُّوا نَبِيَّكُمْ رَاعِنًا. الرَّاعِنُ الْأَحْمَقُ، وَالْأَرْعَنُ مُبَالَغَةٌ فِيهِ. وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: لَا تَقُولُوا رَاعُونَا وَهِيَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ. وَكَذَا فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهِ أَيْضًا: أَرْعُونَا وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: رَاعِنَا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى أَنَّهُ فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْمُرَاعَاةِ. إِنَّمَا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ، وَقَدْ فَسَّرَهَا مُجَاهِدٌ: لَا تَقُولُوا اسْمَعْ مِنَّا وَنَسْمَعْ مِنْكَ. وَعَنْ عَطَاءٍ: كَانَتْ لُغَةً تَقُولُهَا