للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِتْيَانِ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) أَيِ الْقَطَّانُ (عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ) هَكَذَا أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَالَّذِي قَبْلَهُ قَدِ اخْتَصَرَهُ كَمَا تَرَى، فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ عَوْنٍ فَقَدْ أَخْرَجَهَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ وَفِي تَفْسِيرِهِ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: نَزَلَتْ فِي إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ. وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ مِثْلَهُ، وَمَنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْكَرَابِيسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ نَحْوَهُ، أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ فَأَبْهَمَهُ فَقَالَ فِي كَذَا وَكَذَا. وَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فَأَخْرَجَهَا ابْنُ جَرِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنِي أَبِي فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ: يَأْتِيهَا فِي الدُّبُرِ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَيَرُدُّ قَوْلَ الْحُمَيْدِيِّ. وَهَذَا الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ الْبُخَارِيُّ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ يُسَمَّى الِاكْتِفَاءَ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ يَحْسُنُ بِسَبَبِهَا اسْتِعْمَالُهُ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْيَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمَذْكُورِ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّمَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ رُخْصَةٌ فِي إِتْيَانِ الدُّبُرِ، قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ، كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَيْضًا كَمَا سَأَذْكُرُهُ بَعْدُ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ أَيْضًا جَمَاعَةٌ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا وَرِوَايَاتُهُمْ بِذَلِكَ ثَابِتَةٌ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَفِي فَوَائِدِ الْأَصْبَهَانِيِّينَ لِأَبِي الشَّيْخِ وَتَارِيخِ نَيْسَابُورَ لِلْحَاكِمِ وَغَرَائِبِ مَالِكٍ، لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ عَابَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ صَنِيعَ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ: جَمِيعُ مَا أَخْرَجَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُبْهَمٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَقَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ - يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ - عَنْ مَالِكٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ثَلَاثَتِهِمْ عَنْ نَافِعٍ بِالتَّفْسِيرِ، وَعَنْ مَالِكٍ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ اهـ. كَلَامُهُ. وَرِوَايَةُ الدَّرَاوَرْدِيِّ الْمَذْكُورَةِ قَدْ أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِهِ عَنِ الثَّلَاثَةِ عَنْ نَافِعٍ نَحْوَ رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا، فَأَعْظَمَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَنَزَلَتْ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، فَقَالَ: لَا، إِلَّا فِي دُبُرِهَا.

وَتَابَعَ نَافِعًا فِي ذَلِكَ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَرِوَايَتُهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَتَكَلَّمَ الْأَزْدِيّ فِي بَعْضِ رُوَاتِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَأَصَابَ قَالَ: وَرِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ لِهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنْهُ بِغَيْرِ نَكِيرٍ أَنْ يَرْوِيَهَا عَنْهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَيْضًا ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا وَسَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ مَا قَالَ نَافِعٌ، وَرِوَايَتُهُمَا عَنْهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَابْنِ جَرِيرٍ وَلَفْظُهُ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ قُلْتُ لِمَالِكٍ: إِنَّ نَاسًا يَرْوُونَ عَنْ سَالِمٍ: كَذَبَ الْعَبْدُ عَلَى أَبِي، فَقَالَ مَالِكٌ: أَشْهَدُ عَلَى زَيْدِ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ أَخْبَرَنِي عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ مَا قَالَ نَافِعٌ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْحَارِثَ بْنَ يَعْقُوبَ يَرْوِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: أُفٍّ، أَوَيَقُولُ ذَلِكَ مُسْلِمٌ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: أَشْهَدُ عَلَى رَبِيعَةَ لَأَخْبَرَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلَ مَا قَالَ نَافِعٌ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ: هَذَا مَحْفُوظٌ عَنْ مَالِكٍ صَحِيحٌ اهـ.

وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ بْنِ رَوْحٍ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ قَوْمُ عَرَبٍ؟ هَلْ يَكُونُ الْحَرْثُ إِلَّا مَوْضِعَ الزَّرْعِ؟ وَعَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ اعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، فَلَعَلَّ مَالِكًا رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِ حَدِيثِ ابْنِ