اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ: فَدَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلْنَا: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ، فَقُلْتُ: إِذًا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ.
٤٥٥١ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ هُوَ ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ، سَمِعَ هُشَيْمًا، أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ﵄: أَنَّ رَجُلًا أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ فِيهَا: لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
٤٥٥٢ - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ - أَوْ فِي الْحُجْرَةِ - فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى فِي كَفِّهَا فَادَّعَتْ عَلَى الْأُخْرَى فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ، ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ، وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ فَذَكَّرُوهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ﴾ لَا خَيْرَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: (مِنْ خَلَاقٍ) أَيْ نَصِيبٍ مِنْ خَيْرٍ.
قَوْلُهُ: (أَلِيمٍ مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ، مِنَ الْأَلَمِ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ مُفْعِلٍ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يُصِيبُكَ وَجْهُهَا وَهَجٌ أَلِيمُ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ وَفِيهِ قَوْلُ الْأَشْعَثِ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا﴾ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي خَصْمِهِ حِينَ تَحَاكَمَا فِي الْبِئْرِ، وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَحَلَفَ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَا جَمِيعًا فِي الشَّهَادَاتِ، وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ النُّزُولَ كَانَ بِالسَّبَبَيْنِ جَمِيعًا، وَلَفْظُ الْآيَةِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا، وَقَعَ فِي صَدْرِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ. وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَتَمُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ ﷺ وَقَالُوا وَحَلَفُوا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَقَصَّ الْكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي ذَلِكَ قِصَّةً طَوِيلَةً وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ أَيْضًا لَكِنِ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ.
وسَنَذْكُرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ) هُوَ الْجَهْضَمِيُّ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ هُوَ الْخُرَيْبِيُّ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ امْرَأَتَيْنِ) سَيَأْتِي تَسْمِيَتُهُمَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مَعَ شَرْحِ الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا أَوْرَدَهُ هُنَا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ اقْرَءُوا عَلَيْهَا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ﴾ الْآيَةَ فَإِنَّ فِيهِ الْإِشَارَةَ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ الْآيَةِ لَا خُصُوصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute