للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذَرٍّ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مَعْمَرٌ: أَوْلِيَاءُ. ﴿مَوَالِيَ﴾ أَوْلِيَاءُ وَرَثَةٌ (عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) هُوَ مَوْلَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْحَلِيفُ، وَالْمَوْلَى أَيْضًا ابْنُ الْعَمِّ، وَالْمَوْلَى الْمُنْعِمُ الْمُعْتِقُ) أَيْ: بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ. (وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقُ) أَيْ: بِفَتْحِهَا (وَالْمَوْلَى الْمَلِيكُ، وَالْمَوْلَى مَوْلًى فِي الدِّينِ) انْتَهَى. وَمَعْمَرٌ هَذَا بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَكُنْتُ أَظُنُّهُ مَعْمَرَ بْنَ رَاشِدٍ إِلَى أَنْ رَأَيْتُ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَجَازِ لِأَبِي عُبَيْدَةَ، وَاسْمُهُ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَلَمْ أَرَهُ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ قَالَ: الْمَوَالِي الْأَوْلِيَاءُ؛ الْأَبُ وَالْأَخُ وَالِابْنُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعَصَبَةِ.

وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ: أَوْلِيَاءَ وَرَثَةً (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) فَالْمَوْلَى: ابْنُ الْعَمِّ. وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَنْشَدَ فِي الْمَوْلَى ابْنِ الْعَمِّ:

مَهْلًا بَنِي عَمِّنَا مَهْلًا مَوَالِينَا

وَمِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْمَوْلَى: الْمُحِبُّ، وَالْمَوْلَى: الْجَارُ، وَالْمَوْلَى: النَّاصِرُ، وَالْمَوْلَى: الصِّهْرُ، وَالْمَوْلَى: التَّابِعُ، وَالْمَوْلَى: الْقَرَارُ، وَالْمَوْلَى: الْوَلِيُّ، وَالْمَوْلَى: الْمُوَازِي. وَذَكَرُوا أَيْضًا الْعَمَّ وَالْعَبْدَ وَابْنَ الْأَخِ وَالشَّرِيكَ وَالنَّدِيمَ، وَيَلْتَحِقُ بِهِمْ مُعَلِّمُ الْقُرْآنِ جَاءَ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ: مَنْ عَلَّمَ عَبْدًا آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ مَوْلَاهُ الْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ شُعْبَةَ: مَنْ كَتَبْتَ عَنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَنْ يَلِيكَ أَوْ وَالَاكَ فَهُوَ مَوْلًى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ سَنَدًا وَمَتْنًا فِي الْكَفَالَةِ، وَأُحِيلَ بِشَرْحِهِ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ.

قَوْلُهُ: (عَنْ إِدْرِيسَ) هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ الْفَقِيهِ الْكُوفِيِّ، وَإِدْرِيسُ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرِيِّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ يَزِيدَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ) وَقَعَ فِي الْفَرَائِضِ: عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ.

قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ)، قَالَ: وَرَثَةً) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ مِنَ السَّلَفِ، أَسْنَدَهُ الطَّبَرِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلِكُلِّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ جَعَلْنَا عَصَبَةً يَرِثُونَهُ مِمَّا تَرَكَ وَالِدَهُ وَأَقْرَبُوهُ مِنْ مِيرَاثِهِمْ لَهُ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ الْآيَةَ تَقْدِيرًا غَيْرَ ذَلِكَ، فَقِيلَ: التَّقْدِيرُ جَعَلْنَا لِكُلِّ مَيِّتٍ وَرَثَةً، تَرِثُ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ. وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وَلِكُلِّ مَالٍ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ جَعَلْنَا وَرَثَةً يَحُوزُونَهُ. فَعَلَى هَذَا كُلٍّ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَعَلَ وَ: مِمَّا تَرَكَ صِفَةٌ لِكُلٍّ وَ: الْوَالِدَانِ فَاعِلُ تَرَكَ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَصِفَتِهِ، وَقَدْ سُمِعَ كَثِيرًا، وَفِي الْقُرْآنِ: ﴿قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ﴾؛ فَإِنَّ فَاطِرَ صِفَةُ اللَّهِ اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ جَعَلْنَاهُمْ مَوْلًى - أَيْ: وَرَثَةً - نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ وَالِدَاهُمْ وَأَقْرَبُوهُمْ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلٍّ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَ: نَصِيبٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَ: (جَعَلْنَاهُمْ) صِفَةٌ لِقَوْمِ وَ: ﴿مِمَّا تَرَكَ﴾ صِفَةٌ لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي حُذِفَ وَ: (نَصِيبٌ) صِفَتُهُ، وَكَذَا حُذِفَ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ كُلٌّ وَبَقِيَتْ صِفَتُهُ، وَكَذَا حُذِفَ الْعَائِدُ عَلَى الْمَوْصُوفِ، هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْرِبُونَ، وَذَكَرُوا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ظَاهِرُهُ التَّكَلُّفُ.

وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهِ كُلٌّ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ ثُمَّ قَالَ (وَلِكُلٍّ) أَيْ: مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (جَعَلْنَا) أَيْ: قَدَّرْنَا (نَصِيبًا) أَيْ: مِيرَاثًا ﴿مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ﴾ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) أَيْ: بِالْحَلِفِ أَوِ الْمُوَالَاةِ وَالْمُؤَاخَاةِ، فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ خِطَابٌ لِمَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ، أَيْ: مَنْ وَلِيَ عَلَى مِيرَاثِ أَحَدٍ فَلْيُعْطِ لِكُلِّ مَنْ يَرِثُهُ نَصِيبَهُ، وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْمُتَّضِحِ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْإِعْرَابُ وَيُتْرَكَ مَا عَدَاهُ مِنَ التَّعَسُّفِ.

قَوْلُهُ: (وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ: كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ