للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَضَى كَمَا تَرَى لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ تَفْسِيرٌ آخَرُ عَنْ غَيْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنْكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَوْلُهُ: ﴿بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾ الْبَسْطُ الضَّرْبُ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ﴾ قَالَ: هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْبَسْطُ الضَّرْبُ. ﴿اسْتَكْثَرْتُمْ﴾ أَضْلَلْتُمْ كَثِيرًا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: ﴿مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ﴾ جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمَالِهِمْ نَصِيبًا، وَلِلشَّيْطَانِ وَالْأَوْثَانِ نَصِيبًا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا﴾ الْآيَةَ، قَالَ: جَعَلُوا لِلَّهِ فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ فَإِنْ سَقَطَ مِنْ ثَمَرَةِ مَا جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ نَصِيبِ الشَّيْطَانِ تَرَكُوهُ، وَإِنْ سَقَطَ مِمَّا جَعَلُوا لِلشَّيْطَانِ فِي نَصِيبِ اللَّهِ لَقَطُوهُ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانُوا يُسَمُّونَ لِلَّهِ جُزْءًا مِنَ الْحَرْثِ وَلِشُرَكَائِهِمْ جُزْءًا، فَمَا ذَهَبَتْ بِهِ الرِّيحُ مِمَّا سَمَّوْا لِلَّهِ إِلَى جُزْءِ أَوْثَانِهِمْ تَرَكُوهُ وَقَالُوا: اللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ هَذَا، وَمَا ذَهَبَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنْ جُزْءِ أَوْثَانِهِمْ إِلَى جُزْءِ اللَّهِ أَخَذُوهُ. وَالْأَنْعَامُ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ هِيَ الْبَحِيرَةُ وَالسَّائِبَةُ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي الْمَائِدَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَخْبَارِ الْجَاهِلِيَّةِ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَأَشَارَ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿أَكِنَّةً﴾ وَاحِدُهَا كِنَانٌ) ثَبَتَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾ وَاحِدُهَا كِنَانٌ أَيْ أَغْطِيَةٌ، وَمِثْلُهُ أَعِنَّةٌ وَعِنَانٌ وَأَسِنَّةٌ وَسِنَانٌ.

قَوْلُهُ: ﴿سَرْمَدًا﴾ دَائِمًا) كَذَا وَقَعَ هُنَا، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْأَنْعَامِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي سُورَةِ الْقَصَصِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ سَرْمَدًا أَيْ دَائِمًا، قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْقَطِعُ فَهُوَ سَرْمَدٌ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: كَأَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ السُّورَةِ (وَجَاعِل اللَّيْلَ سَكَنًا).

قَوْلُهُ: ﴿وَقْرًا﴾ صَمَمٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ أَيِ الثِّقَلَ وَالصَّمَمَ وَإِنْ كَانُوا يَسْمَعُونَ، لَكِنَّهُمْ صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى. وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ قَالَ: يَسْمَعُونَ بِآذَانِهِمْ وَلَا يَعُونَ مِنْهَا شَيْئًا كَمَثَلِ الْبَهِيمَةِ تَسْمَعُ الْقَوْلَ وَلَا تَدْرِي مَا يُقَالُ لَهَا، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِكَسْرِهَا.

قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْوِقْرُ) أَيْ بِكَسْرِ الْوَاوِ (فَإِنَّهُ الْحِمْلُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ الَّذِي قَبْلَهُ فَقَالَ: الْوِقْرُ الْحِمْلُ إِذَا كَسَرْتَهُ. وَأَفَادَ الرَّاغِبُ الْوِقْرُ حِمْلُ الْحِمَارِ، وَالْوَسْقُ حِمْلُ الْجَمَلِ، وَالْمَعْنَى عَلَى قِرَاءَةِ الْكَسْرِ أَنَّ فِي آذَانِهِمْ شَيْئًا يَسُدُّهَا عَنِ اسْتِمَاعِ الْقَوْلِ ثَقِيلًا كَوِقْرِ الْبَعِيرِ.

قَوْلُهُ: (أَسَاطِيرٌ وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَأسْطَارَةٌ وَهِيَ التُّرَّهَاتُ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ﴾ وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَأسْطَارَةٌ وَمَجَازُهَا التُّرَّهَاتُ انْتَهَى. وَالتُّرَّهَاتُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَصْلُهَا بِنْيَاتُ الطَّرِيقِ، وَقِيلَ إِنَّ تَاءَهَا مُنْقَلِبَةٌ مِنْ وَاوٍ وَأَصْلُهَا الْوَرَهُ وَهُوَ الْحُمْقُ.

قَوْلُهُ: (الْبَأْسَاءُ مِنَ الْبَأْسِ وَيَكُونُ مِنَ الْبُؤْسِ) هُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ﴾ هِيَ الْبَأْسُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَالْبُؤْسُ، انْتَهَى. وَالْبَأْسُ الشِّدَّةُ وَالْبُؤْسُ الْفَقْرُ، وَقِيلَ الْبَأْسُ الْقَتْلُ وَالْبُؤْسُ الضُّرُّ.

قَوْلُهُ: ﴿جَهْرَةً﴾ مُعَايَنَةٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً﴾ أَيْ فَجْأَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، أَوْ جَهْرَةً، أَيْ عَلَانِيَةً وَهُمْ يَنْظُرُونَ.

قَوْلُهُ: (الصُّوَرُ جَمَاعَةُ صُورَةٍ كَقَوْلِكَ سُورَةٌ وَسُوَرٌ) بِالصَّادِ أَوَّلًا وَبِالسِّينِ ثَانِيًا كَذَا لِلْجَمِيعِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ فَفِيهَا كَقَوْلِهِ صُورَةٌ وَصُوَرٌ بِالصَّادِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي سُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ﴾ يُقَالُ إِنَّهَا جَمْعُ صُورَةٍ يُنْفَخُ فِيهَا رُوحُهَا فَتَحْيَا، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمْ سُوَرُ الْمَدِينَةِ وَاحِدُهَا سُورَةٌ، قَالَ النَّابِغَةُ: