للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذِهِ فِينَا، مَا هَذِهِ إِلَّا فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ.

قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَيْمَانَ، أَيْ لَا عُهُودَ لَهُمْ، وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهِيَ قِرَاءَةٌ شَاذَّةٌ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ﴾ أَيْ لَا عَهْدَ لَهُمْ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ قِرَاءَةَ الْجُمْهُورِ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، وَإِسْمَاعِيلُ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ.

قَوْلُهُ: (مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ) هَكَذَا وَقَعَ مُبْهَمًا وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ خَالِدٍ بِلَفْظِ مَا بَقِيَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ الْآيَةَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ، إِنَّ أَحَدَهُمْ لَشَيْخٌ كَبِيرٌ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: إِنْ كَانَتِ الْآيَةُ مَا ذُكِرَ فِي خَبَرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَحَقُّ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ يَخْرُجَ فِي سُورَةِ الْمُمْتَحَنَةِ انْتَهَى. وَقَدْ وَافَقَ الْبُخَارِيُّ - عَلَى إِخْرَاجِهَا عِنْدَ آيَةِ بَرَاءَةٍ - النَّسَائِيَّ، وَابْنَ مَرْدَوَيْهِ، فَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَلَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَعْيِينُ الْآيَةِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ عُيَيْنَةَ بِتَعْيِينِهَا، إِلَّا أَنَّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي الَّذِينَ كَاتَبُوا الْمُشْرِكِينَ وَهَذَا يُقَوِّي رِوَايَةَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَ مَنْ أَخْرَجَهَا فِي آيَةِ بَرَاءَةٍ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ قَالَ: مَا قُوتِلَ أَهْلُ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدُ وَمِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبٍ نَحْوَهُ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِمْ لَمْ يُقَاتَلُوا أَنَّ قِتَالَهُمْ لَمْ يَقَعْ لِعَدَمِ وُقُوعِ الشَّرْطِ، لِأَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ: ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا﴾ فَلَمَّا لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ نَكْثٌ وَلَا طَعْنٌ لَمْ يُقَاتَلُوا. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: الْمُرَادُ بِأَئِمَّةِ الْكُفْرِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ.

وَمِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ قَالَ: أَئِمَّةُ الْكُفْرِ رُءُوسُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا ثَلَاثَةٌ) سُمِّيَ مِنْهُمْ فِي رِوَايَةِ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو سُفْيَانَ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ أَبَا جَهْلٍ، وَعُتْبَةَ قُتِلَا بِبَدْرٍ وَإِنَّمَا يَنْطَبِقُ التَّفْسِيرُ عَلَى مَنْ نَزَلَتِ الْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهُوَ حَيٌّ، فَيَصِحُّ فِي أَبِي سُفْيَانَ، وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَقَدْ أَسْلَمَا جَمِيعًا.

قَوْلُهُ: (وَلَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَّا أَرْبَعَةٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ) بِنَصْبِ أَصْحَابٍ عَلَى النِّدَاءِ مَعَ حَذْفِ، الْأَدَاةِ أَوْ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي إِنَّكُمْ.

قَوْلُهُ: (تُخْبِرُونَنَا فَلَا نَدْرِي) كَذَا وَقَعَ، فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ تُخْبِرُونَنَا عَنْ أَشْيَاءَ.

قَوْلُهُ: (يَبْقُرُونَ) بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ قَافٍ أَيْ يَنْقُبُونَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ النَّقْرُ فِي الْخَشَبِ وَالصُّخُورِ يَعْنِي بِالنُّونِ.

قَوْلُهُ: (أَعَلَاقَنَا) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ أَيْ نَفَائِسَ أَمْوَالِنَا، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: وَجَدْتُهُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مَضْبُوطًا بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَلَا وَجْهَ لَهُ انْتَهَى. وَوُجِدَ فِي نُسْخَةِ الدِّمْيَاطِيِّ بِخَطِّهِ بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْضًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ابْنُ الْمُلَقِّنِ. وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ الْأَغْلَاقَ جَمْعُ غَلَقٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْبَابُ الَّذِي يُغْلَقُ عَلَى الْبَيْتِ وَيُفْتَحُ بِالْمِفْتَاحِ، وَيُطْلَقُ الْغَلَقُ عَلَى الْحَدِيدَةِ الَّتِي تُجْعَلُ فِي الْبَابِ وَيُعْمَلُ فِيهَا الْقُفْلُ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَيَسْرِقُوا أَغْلَاقَنَا إِمَّا عَلَى الْحَقِيقَةِ فَإِنَّهُ إِذَا تَمَكَّنَ مِنْ سَرِقَةِ الْغَلَقِ تَوَصَّلَ إِلَى فَتْحِ الْبَابِ، أَوْ فِيهِ مَجَازُ الْحَذْفِ أَيْ يَسْرِقُونَ مَا فِي أَغْلَاقِنَا.

قَوْلُهُ: (أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ) أَيِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ وَيَسْرِقُونَ، لَا الْكُفَّارُ وَلَا الْمُنَافِقُونَ.

قَوْلُهُ: (أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (لَوْ شَرِبَ