للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَكْمَلَ أَوْ وَجَبَ أَوْ أَلْهَمَ أَوْ أَنْفَذَ أَوْ مَضَى فَقَدْ قَضَى.

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ أَيْ أَعْلَمْنَاهُمْ عِلْمًا قَاطِعًا، انْتَهَى. وَالْقَضَاءُ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَعَدَّى بِالْحَرْفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى أَوْحَيْنَا.

قَوْلُهُ: (نَفِيرًا مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ قَالَ: الَّذِينَ يَنْفِرُونَ مَعَهُ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا﴾ أَيْ عَدَدًا، وَمِنْ طَرِيقِ أَسْبَاطٍ عَنِ السُّدِّيِّ مِثْلُهُ.

قَوْلُهُ: (مَيْسُورًا لَيِّنًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا﴾ أَيْ لَيِّنًا. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمِ النَّخَعِيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا﴾ أَيْ لَصَامَ تَعِدُهُمْ (١) وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ: عَدَّهُمْ عِدَةً حَسَنَةً. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا﴾ قَالَ: الْعِدَةُ. وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: تَقُولُ نَعَمْ وَكَرَامَةٌ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا الْيَوْمَ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ: تَقُولُ: سَيَكُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (خِطْأ إِثْمًا وَهُوَ اسْمُ مِنْ خَطِئْتَ، وَالْخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الْإِثْمِ خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ أَيْ إِثْمًا، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتُ، فَإِذَا فَتَحْتَهُ فَهُوَ مَصْدَرٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:

دَعِينِي إِنَّمَا خَطِّئِي وَصَوِّبِي … عَلَيَّ وَإِنَّمَا أَهلَكْتُ مَالِي

ثُمَّ قَالَ: وَخَطِئْتُ وَأَخْطَأْتُ لُغَتَانِ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: خَطِئْتُ إِذَا أَذْنَبْتُ عَمْدًا، وَأَخْطَأْتُ إِذَا أَذْنَبْتُ عَلَى غَيْرِ عَمْدٍ، وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي بِكَسْرٍ ثُمَّ سُكُونٍ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ. ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: (خِطْئًا) قَالَ: خَطِيئَةٌ، قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتُلُونَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى عَمْدٍ لَا خَطَأً فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْفَتْحِ فَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ ذِكْوَانَ، وَقَدْ أَجَابُوا عَنِ الِاسْتِبْعَادِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ قَتْلَهُمْ - كَانَ غَيْرُ صَوَابٍ، تَقُولُ: أَخْطَأَ يُخْطِئُ خَطَأً إِذَا لَمْ يُصِبْ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ الَّذِي تَبِعَهُ فِيهِ الْبُخَارِيُّ حَيْثُ قَالَ: خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ خَطِئَ بِمَعْنَى أَثِمَ، وَأَخْطَأَ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَوْ إِذَا لَمْ يُصِبْ.

قَوْلُهُ: ﴿حَصِيرًا﴾ مَحْبِسًا مَحْصِرًا) أَمَّا مَحْبِسًا فَهُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَصَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ قَالَ: مَحْبِسًا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿حَصِيرًا﴾ قَالَ: مَحْصِرًا.

قَوْلِهِ: (تَخْرِقُ تَقْطَعُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ﴾ قَالَ: لَنْ تَقْطَعَ.

قَوْلُهُ: ﴿وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالْمَعْنَى يَتَنَاجَوْنَ) كَذَا فِيهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى﴾ هُوَ مَصْدَرُ نَاجَيْتُ، أَوِ اسْمٌ مِنْهَا فَوَصَفَ بِهَا الْقَوْمَ، كَقَوْلِهِمْ هُمْ عَذَابٌ، فَجَاءَتْ نَجْوَى فِي مَوْضِعِ مُتَنَاجِينَ انْتَهَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَهُمْ ذَوُو نَجْوَى، أَوْ هُوَ جَمْعُ نَجِيٍّ كَقَتِيلٍ وَقَتْلَى.

قَوْلُهُ: (رُفَاتًا حُطَامًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: (رُفَاتًا) أَيْ حُطَامًا أَيْ عِظَامًا مُحَطَّمَةً، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا﴾ قَالَ: تُرَابًا.

قَوْلُهُ: (وَاسْتَفْزِزِ اسْتَخِفَّ، بِخَيْلِكَ الْفُرْسَانُ، وَالرَّجْلُ وَالرِّجَالُ وَالرَّجَّالَةُ وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبِ وَصَحْبٍ وَتَاجِرِ وَتَجْرٍ) هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِنَصِّهِ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَاسْتَفْزِزْ﴾ قَالَ اسْتَنْزِلْ.

قَوْلُهُ: ﴿حَاصِبًا﴾ الرِّيحُ الْعَاصِفُ، وَالْحَاصِبُ أَيْضًا مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ وَهُمْ حَصَبُهَا ; وَيُقَالُ حَصَبَ فِي الْأَرْضِ ذَهَبَ وَالْحَاصِبُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَصْبَاءِ الْحِجَارَةِ) تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ النَّارِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ


(١) في هامش طبعة بولاق: كذا في النسخ، ولعل فيه تحريفا