وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ، وَزَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ هُنَا ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ قَالَ: وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: رَحْمَتُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى، لَوْلَا أَنَّهُ عَجِلَ لَرَأَى الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ ذَمَامَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي﴾ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَاسْتَحْيَا عِنْدَ ذَلِكَ مُوسَى وَقَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ أَكْثَرَ مِمَّا قَصَّ.
قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا) فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا. فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا قِيلَ هِيَ الْأُبُلَّةُ، وَقِيلَ إِنْطَاكِيَةُ، وَقِيلَ أَذْرَبِيجَانُ، وَقِيلَ بُرْقَةُ، وَقِيلَ نَاصِرَةُ، وَقِيلَ جَزِيرَةُ الْأَنْدَلُسِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ قَرِيبٌ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُرَادِ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشِدَّةُ الْمُبَايَنَةِ فِي ذَلِكَ تَقْتَضِي أَنْ لَا يُوثَقَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ هُوَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدٍ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: يَعْلَى هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ (فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) - قَالَ مَائِلٌ - فَقَالَ الْخَضِرُ بِيَدِهِ فَأَقَامَهُ وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ عُرْضَ ذَلِكَ الْجِدَارِ كَانَ خَمْسِينَ ذِرَاعًا فِي مِائَةِ ذِرَاعٍ بِذِرَاعِهِمْ.
قَوْلُهُ: ﴿قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ قَالَ سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكُلُهُ) زَادَ سُفْيَانُ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا، لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ فَأَخَذَ مُوسَى بِطَرَفِ ثَوْبِهِ فَقَالَ: حَدِّثْنِي وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ الْخَضِرَ قَالَ لِمُوسَى: أَتَلُومُنِي عَلَى خَرْقِ السَّفِينَةِ وَقَتْلِ الْغُلَامِ وَإِقَامَةِ الْجِدَارِ، وَنَسِيتَ نَفْسَكَ حِينَ أُلْقِيتَ فِي الْبَحْرِ، وَحِينَ قَتَلْتَ الْقِبْطِيَّ، وَحِينَ سَقَيْتَ أَغْنَامَ ابْنَتَيْ شُعَيْبٍ احْتِسَابًا.
قَوْلُهُ: ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ وَكَانَ أَمَامَهُمْ، قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ) وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي وَرَاءَ فِي تَفْسِيرِ إِبْرَاهِيمَ.
قَوْلُهُ: (يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بَدَدٍ) الْقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَمُرَادُهُ أَنَّ تَسْمِيَةَ الْمَلِكِ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ السُّفُنَ لَمْ تَقَعْ فِي رِوَايَةِ سَعِيدٍ. قُلْتُ: وَقَدْ عَزَاهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابٍ لَيْسَ لِمُجَاهِدٍ ; قَالَ: وَزَعَمَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنَّ هُدَدَ اسْمُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَرَ زَوَّجَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بِلْقِيسَ. قُلْتُ: إِنْ ثَبَتَ هَذَا حُمِلَ عَلَى التَّعَدُّدِ وَالِاشْتِرَاكِ فِي الِاسْمِ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ مُدَّةِ مُوسَى وَسُلَيْمَانَ، وَهُدَدُ فِي الرِّوَايَاتِ بِضَمِّ الْهَاءِ وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ فَتْحَهَا وَالدَّالُ مَفْتُوحَةٍ اتِّفَاقًا، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْهَاءِ، وَأَبُوهُ بَدَدٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلٍ أَنَّ اسْمَهُ مَنُولَةُ بْنُ الْجَلَنْدِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْأَزْدِيُّ، وَقِيلَ: هُوَ الْجَلَنْدِيُّ وَكَانَ بِجَزِيرَةِ الْأَنْدَلُسِ.
قَوْلُهُ: (الْغُلَامُ الْمَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ حيْسُورُ) الْقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَحَيْسُورُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَوَّلِهِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ بِجِيمٍ أَوَّلِهِ، وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ بِنُونٍ بَدَلَ التَّحْتَانِيَّةِ، وَعِنْدَ عَبْدُوسٍ بِنُونٍ بَدَلَ الرَّاءِ، وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُ رَآهُ فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَنُونَيْنِ الْأُولَى مَضْمُومَةٌ بَيْنَهُمَا الْوَاوُ السَّاكِنَةُ، وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ الْجُبَّائِيِّ، كَالْقَابِسِيِّ، وَفِي تَفْسِيرِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ اسْمُهُ حَشْرَدُ، وَوَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ اسْمُ الْغُلَامِ شَمْعُونُ.
قَوْلُهُ: ﴿مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute