فَنَسِيَ مُوسَى هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبَّ. لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا الْعِجْلُ. ﴿هَمْسًا﴾ حِسُّ الْأَقْدَامِ. ﴿حَشَرْتَنِي أَعْمَى﴾ عَنْ حُجَّتِي. ﴿وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا﴾ فِي الدُّنْيَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿بِقَبَسٍ﴾ ضَلُّوا الطَّرِيقَ وَكَانُوا شَاتِينَ. فَقَالَ: إِنْ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهَا مَنْ يَهْدِي الطَّرِيقَ آتِكُمْ بِنَارٍ تُوقِدُونَ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: ﴿أَمْثَلُهُمْ﴾ أَعْدَلُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿هَضْمًا﴾ لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ. ﴿عِوَجًا﴾ وَادِيًا. ﴿وَلا أَمْتًا﴾ رَابِيَةً. ﴿سِيرَتَهَا﴾ حَالَتَهَا الْأُولَى. ﴿النُّهَى﴾ التُّقَى. ﴿ضَنْكًا﴾ الشَّقَاءُ. ﴿هَوَى﴾ شَقِيَ. بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ الْمُبَارَكِ. ﴿طُوًى﴾ اسْمُ الْوَادِي. ﴿بِمَلْكِنَا﴾ بِأَمْرِنَا. ﴿مَكَانًا سُوًى﴾ مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ. ﴿يَبَسًا﴾ يَابِسًا. ﴿عَلَى قَدَرٍ﴾ على مَوْعِدٍ. لَا تَنِيَا لا تَضْعُفَا. يفرط: عقوبة.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ طَهَ - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ عِكْرِمَةُ، وَالضَّحَّاكُ: بِالنَّبَطِيَّةِ أَيْ طَهَ يَا رَجُلُ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالنَّسَفِيِّ، وَلِغَيْرِهِمَا قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ أَيْ سَعِيدٍ، فَأَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ فِي ذَلِكَ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ رِوَايَةِ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ طَهَ أَيْ طَهَ يَا رَجُلُ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ طَهَ: قَالَ: هُوَ كَقَوْلِكَ يَا مُحَمَّدُ بِالْحَبَشِيَّةِ وَأَمَّا قَوْلُ الضَّحَّاكِ فَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ قُرَّةِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ فِي قَوْلِهِ طَهَ: قَالَ: يَا رَجُلُ بِالنَّبَطِيَّةِ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَازِنٍ: مَا يَخْفَى عَلَيَّ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ، فَقَالَ لَهُ الضَّحَّاكُ: مَا طَهَ؟ قَالَ: اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ بِالنَّبَطِيَّةِ يَا رَجُلُ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى النَّبَطِ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ.
وَأَمَّا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَرَوَيْنَاهُ فِي الْجَعْدِيَّاتِ لِلْبَغَوِيِّ، وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ الْأَفْطَسِ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الضَّحَّاكِ، وَزَادَ الْحَارِثُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَا فِي قَوْلِهِ طَهَ قَالَ: يَا رَجُلُ وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ مِثْلِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا صَلَّى قَامَ عَلَى رِجْلٍ وَرَفَعَ أُخْرَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى طَهَ، أَيْ طَأِ الْأَرْضَ وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ نَحْوَهُ بِزِيَادَةِ أَنَّ ذَلِكَ لِطُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ، وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الصَّدَفِيِّ فِي هَامِشِ نُسْخَتِهِ: بَلَغَنَا أَنَّ مُوسَى ﵇ حِينَ كَلَّمَهُ اللَّهُ قَامَ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ خَوْفًا، فَقَالَ اللَّهُ ﷿ طَهَ أَيِ اطْمَئِنَّ. وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: مَنْ قَرَأَ طَهَ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ فَمَعْنَاهُ يَا رَجُلُ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهَا لُغَةُ عَكٍّ، وَمَنْ قَرَأَ بِلَفْظِ الْحَرْفَيْنِ فَمَعْنَاهُ اطْمَئِنَّ أَوْ طَأِ الْأَرْضَ. قُلْتُ: جَاءَ عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لِعَكِّيٍّ يَا رَجُلُ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُقَالَ لَهُ طَهَ.
وَقَرَأَ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ الْحَسَنُ، وَعِكْرِمَةُ، وَهِيَ اخْتِيَارُ وَرْشٌ، وَقَدْ وَجَّهُوهَا أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْوَطْءِ إِمَّا بِقَلْبِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا أَوْ بِإِبْدَالِهَا هَاءً، فَيُوَافِقُ مَا جَاءَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فَإِنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ قَدْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ أَلِفًا وَلَمْ يَحْذِفْهَا فِي الْأَمْرِ نَظَرًا إِلَى أَصْلِهَا، لَكِنْ فِي قِرَاءَةِ وَرْشٍ حَذْفُ الْمَفْعُولِ الْبَتَّةَ، وَعَلَى مَا نَقَلَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ يَكُونُ الْمَفْعُولُ هُوَ الضَّمِيرُ وَهُوَ لِلْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهَا ذِكْرٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ يَكُونُ اسْمًا. وَقَدْ قِيلَ إِنَّ طَهَ مِنْ أَسْمَاءِ السُّورَةِ كَمَا قِيلَ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿أَلْقَى﴾ صَنَعَ: ﴿أَزْرِي﴾ ظَهْرِي، ﴿فَيُسْحِتَكُمْ﴾ يُهْلِكَكُمْ) تَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي قِصَّةِ مُوسَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.
قَوْلُهُ: ﴿الْمُثْلَى﴾ تَأْنِيثُ الْأَمْثَلِ إِلَخْ) وهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي قِصَّةِ مُوسَى أَيْضًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute