﴿مُذْعِنِينَ﴾ يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِي مُذْعِنٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾ أَيْ مُسْتَخْذِينَ، وَهُوَ بِالْخَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مُذْعِنِينَ﴾ قَالَ: سِرَاعًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْإِذْعَانُ الْإِسْرَاعُ فِي الطَّاعَةِ.
قَوْلُهُ: ﴿أَشْتَاتًا﴾ وَشَتَّى وَشَتَاتٍ وَشَتٍّ وَاحِدٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بِلَفْظِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَشْتَاتٌ جَمْعٌ وَشت مُفْرَدٌ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لِوَاذًا خِلَافًا) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ، وَاللِّوَاذُ مَصْدَرُ لَاوَذْتُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ نِسْبَةً إِلَى ثُمَالَةَ قَبِيلَةٍ مِنَ الْأَزْدِ، وَهُوَ كُوفِيٌّ تَابِعِيٌّ، ذَكَرَ مُسْلِمٌ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً وَلَمْ يَثْبُتْ، وَمَا لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ، وَلَهُ حَدِيثٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ قَلِيلَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مَاتَ غَازِيًا بِأَرْضِ الرُّومِ.
قَوْلُهُ: (الْمِشْكَاةُ الْكُوَّةُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ) وَصَلَهُ ابْنُ شَاهِينٍ مِنْ طَرِيقِهِ، وَوَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ فِي فَوَائِدِ جَعْفَرٍ السَّرَّاجِ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: الْمِشْكَاةُ الْكُوَّةُ وَالْكُوَّةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَبِفَتْحِهَا وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهِيَ الطَّاقَةُ لِلضَّوْءِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ فَمَضَى الْكَلَامُ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النِّسَاءِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمِشْكَاةُ مَوْضِعُ الْفَتِيلَةِ رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿كَمِشْكَاةٍ﴾ قَالَ: يَعْنِي الْكُوَّةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا﴾ بَيَّنَّاهَا) قَالَ عِيَاضٌ: كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ ﴿أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ بَيَّنَّاهَا، فَبَيَّنَّاهَا تَفْسِيرُ فَرَضْنَاهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا: وَيُقَالُ فِي فَرَضْنَاهَا أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ تَفْسِيرٌ آخَرُ انْتَهَى. وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَفَرَضْنَاهَا﴾ يَقُولُ بَيَّنَّاهَا، وَهُوَ يُؤَيِّدُ قَوْلَ عِيَاضٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ لِأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الْأُخْرَى. فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْمَجَازِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُصَادِرِيِّ عَنْهُ: سُمِّيَ الْقُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، فَذِكْرَ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَجَوَّزَ الْكَرْمَانِيُّ فِي قِرَاءَةِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ - وَهِيَ لجَمَاعَة - وَجْهَيْنِ: إِمَّا بِفَتْحِ الْجِيمِ وَآخِرُهَا تَاءُ تَأْنِيثٍ بِمَعْنَى الْجَمِيعِ، وَإِمَّا بِكَسْرِ الْجِيمِ وَآخِرُهَا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْقُرْآنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ إِلَخْ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْقِيَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ أَيْ تَأْلِيفٌ هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ مَا قَرَأَتْ بِسَلًا قَطُّ، أَيْ لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا فِي بَطْنِهَا) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَهُ فِي الْمَجَازِ رِوَايَةَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُصَادِرِيِّ عَنْهُ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ
هِجَانُ اللَّوْنِ لَمْ يَقْرَأْ جَنِينًا
وَالسَّلَا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ عِنْدَهُ مِنْ قَرَأَ بِمَعْنَى جَمَعَ، لَا مِنْ قَرَأَ بِمَعْنَى تَلَا.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ فَرَّضْنَاهَا أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قَرَأَ فَرَضْنَاهَا يَقُولُ فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ) فِيهَا كَذَا وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ فَرَضْنَاهَا يَقُولُ فَرَضْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَرَضْنَاهَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَالتَّشْدِيدُ بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ حَسَنٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: فَرَضْنَاهَا حَدَّدْنَا فِيهَا الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَفَرَضْنَا مِنَ الْفَرِيضَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ وَمَنْ خَفَّفَهَا جَعَلَهَا مِنَ الْفَرِيضَةِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: ﴿أُولِي الإِرْبَةِ﴾ مَنْ لَيْسَ لَهُ أَرَبٌ) ثَبَتَ هَذَا لِلنَّسَفِيِّ، وَسَيَأْتِي بَعْضُهُ فِي النِّكَاحِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ مِثْلَهُ. وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ: الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ أَرَبُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَةِ النِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ طَاوُسٌ: هُوَ الْأَحْمَقُ الَّذِي لَا حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ) وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ.
قَوْلُهُ (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يُهِمُّهُ إِلَّا بَطْنُهُ وَلَا يَخَافُ عَلَى