قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ ﷿، وأَنْزَلَ اللَّهُ ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ﴾ الْعَشْرَ الْآيَاتِ كُلَّهَا. فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ، مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْكِ.
قَوْلُهُ: بَابُ ﴿لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿الْكَاذِبُونَ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ غَيْرِهِ سِيَاقُ آيَتَيْنِ غَيْرِ مُتَوَالِيَتَيْنِ: الْأُولَى قَوْلُهُ: ﴿وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - عَظِيمٌ وَالْأُخْرَى قوله: ﴿لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿الْكَاذِبُونَ﴾ وَاقْتَصَرَ النَّسَفِيُّ عَلَى الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ. ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ الْإِفْكِ بِطُولِهِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَشَايِخِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ سَاقَهُ بِطُولِهِ أَيْضًا فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَفِي الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَوْرَدَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى بِاخْتِصَارٍ. فَأَوَّلُ مَا أَخْرَجَهُ فِي الْجِهَادِ ثُمَّ فِي الشَّهَادَاتِ ثُمَّ فِي التَّفْسِيرِ ثُمَّ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ ثُمَّ فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بِاخْتِصَارٍ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَأَخْرَجَهُ فِي التَّوْحِيدِ وَعَلَّقَهُ فِي الشَّهَادَاتِ بِاخْتِصَارٍ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ أَيْضًا، وَأَخْرَجَهُ فِي التَّفْسِيرِ وَالْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَالِاعْتِصَامِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ بِاخْتِصَارٍ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَيْضًا، وَأَخْرَجَ طَرَفًا مِنْهُ مُعَلَّقًا فِي الْمَغَازِي عَنْ طَرِيقِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ طَرَفًا آخَرَ.
وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، وَمِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ سَاقَهُ عَلَى لَفْظِ مَعْمَرٍ ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ فُلَيْحٍ، وَصَالِحٍ بِإِسْنَادِهِمَا قَالَ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ بَيَّنَ الِاخْتِلَافَ فِي احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ أَوْ اجْتَهَلَتْهُ وَفِي مُوغِرِينَ كَمَا سَيَأْتِي. وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ زِيَادَةً كَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهَا. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ مِنْ طَرِيقِ صَالِحٍ، وَأَخْرَجَهُ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى نَحْوِ نِصْفِ أَوَّلِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَسَاقَ الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ وَذَكَرَ آخَرَ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيًّا، وَأُسَامَةَ يَسْتَشِيرُهُمَا إِلَى قَوْلِهِ - فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ أَخْرَجَهُ فِي الْقَضَاءِ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ طَرَفًا مِنْهُ فِي السُّنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ: وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِوَحْيٍ يُتْلَى وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ يُونُسَ، وَمَعْمَرٍ وَغَيْرِهِمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ مُعَلَّقًا عَقِبَ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، فَهَذِهِ جَمِيعُ طُرُقِهِ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ. وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute