للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْأُصُولِ وَقَدْ تَعَرَّضْنَا لَهَا فِي مَكَانٍ آخَرَ.

قَوْلُهُ: ﴿عُجَابٌ﴾ عَجِيبٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: وَالْعَرَبُ تُحَوِّلُ فَعِيلًا إِلَى فُعَالٍ بِالضَّمِّ وَهُوَ مِثْلُ طَوِيلٍ وَطُوَالٍ، قَالَ الشَّاعِرُ:

تَعْدُو بِهِ سَلْهَبَةً سُرَاعَةً

أَيْ سَرِيعَةً، وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ وَنُقِلَتْ عَنْ عَلِيٍّ عُجَّابٌ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ مِثْلُ كُبَّارٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا﴾ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ كُبَارٍ بِالتَّخْفِيفِ وَكُبَارٌ الْمُخَفَّفُ أَبْلَغُ مِنْ كَبِيرٍ.

قَوْلُهُ: (الْقَطُّ: الصَّحِيفَةُ هُوَ هَاهُنَا صَحِيفَةُ الْحَسَنَاتِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ الْحِسَابُ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ، وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِالْعَكْسِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْقَطُّ: الْكِتَابُ وَالْجَمْعُ قُطُوطٌ وَقِطَطَةٌ كَقِرْدٍ وَقُرُودٍ وَقِرَدَةٍ، وَأَصْلُهُ مِنْ قَطَّ الشَّيْءَ أَيْ قَطَعَهُ وَالْمَعْنَى قِطْعَةٌ مِمَّا وَعَدْتَنَا بِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الصَّحِيفَةِ قَطٌّ لِأَنَّهَا قِطْعَةٌ تُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ الصَّكُّ، وَيُقَالُ لِلْجَائِزَةِ أَيْضًا قَطٌّ لِأَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنَ الْعَطِيَّةِ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْكِتَابِ، وَسَيَأْتِي لَهُ تَفْسِيرٌ آخَرُ قَرِيبًا. وَعِنْدَ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿فِي عِزَّةٍ﴾ أَيْ (مُعَازِّينَ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿فِي عِزَّةٍ﴾ قَالَ: فِي حَمِيَّةٍ، وَنُقِلَ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَرَأَ فِي غُرَّةٍ بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْجَحْدَرِيُّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ.

قَوْلُهُ: ﴿الْمِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ مِلَّةُ قُرَيْشٍ. الِاخْتِلَاقُ الْكَذِبُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ قَالَ: مِلَّةُ قُرَيْشٍ ﴿إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ﴾: كَذِبٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طلحة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿الْمِلَّةِ الآخِرَةِ﴾ قَالَ: النَّصْرَانِيَّةُ. وَعَنِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ. وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، قَالَ: وَقَالَ قَتَادَةُ: دِينُهُمُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ: ﴿جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ﴾، يَعْنِي قُرَيْشًا) سَقَطَ لَفْظُ: قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ﴾ قَالَ: قُرَيْشٌ، وَقَوْلُهُ جُنْدٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُمْ، وَمَا مَزِيدَةٌ أَوْ صِفَةٌ لِجُنْدٍ وَهُنَالِكَ مُشَارٌ بِهِ إِلَى مَكَانِ الْمُرَاجَعَةِ، وَمَهْزُومٌ صِفَةٌ لِجُنْدٍ أَيْ سَيُهْزَمُونَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ، وَهُوَ مِنَ الْإِخْبَارِ بِالْغَيْبِ لِأَنَّهُمْ هُزِمُوا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَعَدَهُ اللَّهُ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَنَّهُ سَيَهْزِمُ جُنْدَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ تَأْوِيلُهَا بِبَدْرٍ، فَعَلَى هَذَا فَهُنَالِكَ ظَرْفٌ لِلْمُرَاجَعَةِ فَقَطْ وَمَكَانُ الْهَزِيمَةِ لَمْ يُذْكَرْ.

قَوْلُهُ: ﴿الأَسْبَابِ﴾ طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقٍ مجاهد بِلَفْظِ: طُرُقُ السَّمَاءِ أَبْوَابُهَا وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿الأَسْبَابِ﴾ هِيَ أَبْوَابُ السَّمَاءِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ ذَا دِينٍ ارْتَقَى فُلَانٌ فِي الْأَسْبَابِ.

قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ الأَحْزَابُ﴾ الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ.

قَوْلُهُ: ﴿فَوَاقٍ﴾ رُجُوعٍ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: لَيْسَ لَهَا مَثْنَوِيَّةٌ وَهِيَ بِمَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ ﴿مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ﴾ يَقُولُ لَيْسَ لَهُمْ إِفَاقَةٌ وَلَا رُجُوعٌ إِلَى الدُّنْيَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ فَتَحَهَا أَيِ الْفَاءَ قَالَ: مَا لَهَا مِنْ رَاحَةٍ، وَمَنْ ضَمَّهَا جَعَلَهَا مِنْ فَوَاقِي نَاقَةٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وَالَّذِي قَرَأَ بِضَمِّ الْفَاءِ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، وَقَالَ قَوْمٌ: الْمَعْنَى بِالْفَتْحِ وَبِالضَّمِّ وَاحِدٌ مِثْلَ قُصَاصِ الشَّعْرِ يُقَالُ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِفَتْحِهَا.

قَوْلُهُ: ﴿قِطَّنَا﴾ عَذَابَنَا) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَيْضًا، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ: ﴿قِطَّنَا﴾ أَيْ: نَصِيبَنَا مِنَ الْعَذَابِ. وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿قِطَّنَا﴾ قَالَ: نَصِيبَنَا مِنَ الْعَذَابِ وَهُوَ شَبِيهُ قَوْلِهِمْ: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ الْآيَةَ، وَقَوْلُ الْآخَرِينَ: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ