يُرَكَّبُ الْخَلْقُ"
[الحديث ٤٨١٤ - طرفه في: ٤٩٣٥]
قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ اخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ مَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ، وَقَدْ لَمَّحْتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي الْحَسَنُ) كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ غَيْرَ مَنْسُوبٍ، فَجَزَمَ أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بْنُ السَّرِيِّ الْحَافِظُ فِيمَا نَقَلَهُ الْكَلَابَاذِيُّ بِأَنَّهُ الْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ الْبَلْخِيُّ الْحَافِظُ، وَهُوَ أَصْغَرُ مِنَ الْبُخَارِيِّ لَكِنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَوَقَعَ فِي الْمُصَافَحَةِ لِلْبُرْقَانِيِّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُصَغَّرٌ، وَنُقِلَ عَنِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَبَّانِيُّ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ الْخَلِيلِ شَيْخُهُ مِنْ أَوْسَاطِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ نَزَلَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ دَرَجَتَيْنِ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ وَاحِدٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وَهُنَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ.
قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ) هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ، وَعَامِرٌ هُوَ الشَّعْبِيُّ.
قَوْلُهُ: (إِنِّي مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.
قَوْلُهُ: (أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ) نَقَلَ ابْنُ التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ وَهْمٌ، وَاسْتَنَدَ إِلَى أَنَّ مُوسَى مَيِّتٌ مَقْبُورٌ فَيُبْعَثُ بَعْدَ النَّفْخَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُسْتَثْنًى؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ وَجْهِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فِي هَذَا بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
قَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ) تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا أَرْبَعُ نَفَخَاتٍ، وَحَدِيثُ الْبَابِ يُؤَيِّدُ الصَّوَابَ.
قَوْلُهُ: (أَرْبَعُونَ قَالُوا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ السَّائِلِ.
قَوْلُهُ: (أَبَيْتُ) بِمُوَحَّدَةٍ أَيِ امْتَنَعْتُ عَنِ الْقَوْلِ بِتَعْيِينِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي فِي ذَلِكَ تَوْقِيفٌ، وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: أَعْيَيْتُ مِنَ الْإِعْيَاءِ وَهُوَ التَّعَبُ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى كَثْرَةِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ تَبْيِينِ ذَلِكَ فَلَا يُجِيبُهُ، وَزَعَمَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ، نَعَمْ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَهُوَ شَاذٌّ. وَمِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا بَيْنَ النَّفْخَةِ وَالنَّفْخَةِ أَرْبَعُونَ سَنَةً ذَكَرَهُ فِي أَوَاخِرِ سُورَةِ ص، وَكَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَسْمَعْهَا إِلَّا مُجْمَلَةً فَلِهَذَا قَالَ لِمَنْ عَيَّنَهَا لَهُ أَبَيْتُ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ. قَالُوا: أَرْبَعُونَ مَاذَا؟ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ ذَلِكَ لَكِنْ سَكَتَ لِيُخْبِرَهُمْ فِي وَقْتٍ، أَوِ اشْتَغَلَ عَنِ الْإِعْلَامِ حِينَئِذٍ. وَوَقَعَ فِي جَامِعِ ابْنِ وَهْبٍ أَرْبَعِينَ جُمْعَةً، وَسَنَدُهُ مُنْقَطِعٌ.
قَوْلُهُ: (وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْإِنْسَانِ إِلَّا عَجْبَ ذَنَبِهِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: لَيْسَ مِنَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلَّا يَبْلَى إِلَّا عَظْمًا وَاحِدًا الْحَدِيثَ. وَأَفْرَدَ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ، مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَظْمًا لَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ أَبَدًا، فِيهِ يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ؟ قَالَ: عَجْبُ الذَّنَبِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَأَبِي يَعْلَى قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَجْبُ الذَّنَبِ؟ قَالَ: مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ وَالْعَجْبُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَيُقَالُ لَهُ عَجْمٌ بِالْمِيمِ أَيْضًا عِوَضَ الْبَاءِ. وَهُوَ عَظْمٌ لَطِيفٌ فِي أَصْلِ الصُّلْبِ، وَهُوَ رَأْسُ الْعُصْعُصِ، وَهُوَ مَكَانُ رَأْسِ الذَّنَبِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالْحَاكِمِ مَرْفُوعًا: إِنَّهُ مِثْلُ حَبَّةِ الْخَرْدَلِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ ابْنُ عُقَيْلٍ: لِلَّهِ فِي هَذَا سِرٌّ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، لِأَنَّ مَنْ يُظْهِرُ الْوُجُودَ مِنَ