ذَرٍّ وَقَالَ مُجَاهِدٌ فَذَكَرَهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى أُمَّةٍ﴾ قَالَ: عَلَى مِلَّةٍ: وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عَلَى أُمَّةٍ﴾ أَيْ عَلَى دِينٍ، وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ مِثْلُهُ.
قَوْلُهُ: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ﴾ تَفْسِيرُهُ ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ وَلَا نَسْمَعُ قِيلَهُمْ قَالَ ابْنُ التِّينِ: هَذَا التَّفْسِيرُ أَنْكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَتِ التِّلَاوَةُ وَقِيلِهِمْ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَقِيلَهُ مَنْصُوبٌ فِي قَوْلِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ عَلَى نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَقِيلِهِ، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ فِي مَوْضِعِ الْفِعْلِ، أَيْ وَيَقُولُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هَذَا التَّفْسِيرُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ تَفْسِيرَ الْمَعْنَى، وَالتَّقْدِيرُ: وَنَسْمَعُ قِيلَهُ، فَحُذِفَ الْعَامِلَ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِجُمَلٍ كَثِيرَةٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَرَأَ: وَقِيلَهُ فَنَصَبَ تَجُوزُ مِنْ قَوْلِهِ ﴿نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ وَنَسْمَعُ قِيلَهُمْ؛ وَقَدِ ارْتَضَى ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَقِيلَهُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ﴾ وَالتَّقْدِيرُ وَنَسْمَعُ قِيلَهُ يَا رَبِّ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنُ التِّينِ وَإِلْزَامُهُ بَلْ يَصِحُّ وَالْقِرَاءَةُ وَقِيلَهُ بِالْإِفْرَادِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَقِرَاءَةُ الْكُوفِيِّينَ ﴿وَقِيلِهِ﴾ بِالْجَرِّ عَلَى مَعْنَى وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَعِلْمُ قِيلِهِ، قَالَ: وَهُمَا قِرَاءَتَانِ صَحِيحَتَا الْمَعْنَى، وَسَيَأْتِي أَوَاخِرَ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ﴾ - فِي مَوْضِعِ ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ﴾ وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: الْمَعْنَى إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَقَالَ: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ﴾؛ وَفِيهِ أَيْضًا الْفَصْلُ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِجُمَلٍ كَثِيرَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ إِلَخْ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِهِ مُقَطَّعًا، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ كُفَّارًا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ قَالَ: كُفَّارًا يَمِيلُونَ إِلَى الدُّنْيَا. قَالَ: وَقَدْ مَالَتِ الدُّنْيَا بِأَكْثَرِ أَهْلِهَا وَمَا فُعِلَ، فَكَيْفَ لَوْ فُعِلَ.
قَوْلُهُ: ﴿مُقْرِنِينَ﴾ مُطِيقِينَ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ قَالَ: مُطِيقِينَ. وَهُوَ بِالْقَافِ. وَمِنْ طَرِيقٍ لِلسُّدِّيِّ مِثْلُهُ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: ﴿وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ﴾ لَا فِي الْأَيْدِي وَلَا فِي الْقُوَّةِ.
قَوْلُهُ: ﴿آسَفُونَا﴾ أَسْخَطُونَا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا﴾ قَالَ: أَسْخَطُونَا. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ يَقُولُ: ﴿آسَفُونَا﴾ أَغْضَبُونَا. وَعَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ مِثْلُهُ وَأَوْرَدَهُ فِي قِصَّةٍ لَهُ مَعَ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيِّ عَامِلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْيَمَنِ.
قَوْلُهُ: ﴿يَعْشُ﴾ يَعْمَى) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ شَبِيبٍ، عَنْ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾ قَالَ: يَعْمَى. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَعْشُ﴾ أَيْ: يُعْرِضْ. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ مِثْلُهُ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَنْ فَسَّرَ يَعْشُ بِمَعْنَى يَعْمَى فَقِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ قَوْلُهُ: وَمَنْ يَعْشُ بِضَمِّ الشِّينِ أَيْ: تُظْلَمُ عَيْنُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُعْرِضُ عَنْهُ، قَالَ: وَمَنْ قَرَأَ يَعْشَ بِفَتْحِ الشِّينِ أَرَادَ تَعْمَى عَيْنُهُ، قَالَ: وَلَا أَرَى الْقَوْلَ إِلَّا قَوْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا يُجِيزُ عَشَوْتُ عَنِ الشَّيْءِ أَعْرَضْتُ عَنْهُ، إِنَّمَا يُقَالُ: تَعَاشَيْتُ عَنْ كَذَا تَغَافَلْتُ عَنْهُ وَمِثْلُهُ تَعَامَيْتُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: عَشِيَ إِذَا مَشَى بِبَصَرٍ ضَعِيفٍ مِثْلُ عَرِجَ مَشَى مِشْيَةَ الْأَعْرَجِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ ﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ أَيْ تُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ لَا تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ)؟ ! وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِهِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَفَحَسِبْتُمْ أَنْ نَصْفَحَ عَنْكُمْ وَلَمْ تَفْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ﴾ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute