وَأَغْفَلَهُ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ مَعَ ثُبُوتِهِ هُنَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ بِلَفْظِهِ، وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ.
قَوْلُهُ: (عَنْ مُحَمَّدٍ) هُوَ ابْنُ سِيرِينَ.
قَوْلُهُ: (كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ) تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ بِلَفْظِ: جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فِيهِ عَظِمٌ مِنْ الْأَنْصَارِ.
قَوْلُهُ: (فَذَكَرُوا لَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ)؛ أَيْ ذَكَرُوا لَهُ الْحَامِلَ تَضَعُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا.
قَوْلُهُ: (فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ)؛ أَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَاقَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قِصَّةَ سُبَيْعَةَ بِتَمَامِهَا، وَكَذَا صَنَعَ أَبُو نُعَيْمٍ.
قَوْلُهُ: (فَضَمَّزَ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمِيمٍ ثَقِيلَةٍ وَزَايٍ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَمَعْنَاهُ: أَشَارَ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ، ضَمَّزَ الرَّجُلُ إِذَا عَضَّ عَلَى شَفَتَيْهِ. وَنُقِلَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهَا بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ أَيِ انْقَبَضَ. وَقَالَ عِيَاضٌ: وَقَعَ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَذَلِكَ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ شُيُوخِ أَبِي ذَرٍّ وَكَذَا عِنْدَ الْقَابِسِيِّ بِنُونٍ بَدَلَ الزَّايِ، وَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. قَالَ: وَرِوَايَةُ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَصْوَبُ، يُقَالُ ضَمَّزَنِي أَسْكَتَنِي، وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ: فَغَمَّضَ لِي؛ أَيْ أَشَارَ بِتَغْمِيضِ عَيْنَيْهِ أَنِ اسْكُتْ.
قُلْتُ: الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوَجِّهَهُ بِذَلِكَ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَفَطِنْتُ لَهُ وَقَوْلُهُ: فَاسْتَحْيَا فَلَعَلَّهَا: فَغَمَزَ؛ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ بَدَلَ الضَّادِ، أَوْ: فَغَمَصَ؛ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ فِي آخِرِهِ، أَيْ عَابَهُ. وَلَعَلَّ الرِّوَايَةَ الْمَنْسُوبَةَ لِابْنِ السَّكَنِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ) فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ: إِنِّي لَحَرِيصٌ عَلَى الْكَذِبِ.
قَوْلُهُ: (إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ) هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ لَهُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ حَيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَحْيَا)؛ أَيْ مِمَّا وَقَعَ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ عَمَّهُ) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ (لَمْ يَقُلْ ذَاكَ) كَذَا نَقَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ، وَالْمَشْهُورُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ خِلَافَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ، أَوْ وَهِمَ النَّاقِلُ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ) فِي رِوَايَةٍ ابْنَ عَوْفٍ: مَالِكُ بْنُ عَامِرٍ أَوْ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ بِالشَّكِّ، وَالْمَحْفُوظُ مَالِكُ بْنُ عَامِرٍ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرُ مِنَ اسْمِهِ، وَالْقَائِلُ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ كَأَنَّهُ اسْتَغْرَبَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَاسْتَثْبَتَ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ: فَلَمْ أَدْرِ مَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ فَسَكَتَ، فَلَمَّا قُمْتُ لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ.
قَوْلُهُ: (فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِي حَدِيثَ سُبَيْعَةَ)؛ أَيْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ عَنْهَا.
قَوْلُهُ: (هَلْ سَمِعْتَ) أَرَادَ اسْتِخْرَاجَ مَا عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِمَا وَقَعَ عِنْدَهُ مِنَ التَّوَقُّفِ فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ ابْنُ أَبِي لَيْلَى.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ) ابْنِ مَسْعُودٍ (فَقَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا) فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ: فَقَالَ أَبُو عَطِيَّةَ: ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَلَمْ تَضَعْ حَمْلَهَا كَانَتْ قَدْ حَلَّتْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ) فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ: وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا وَهِيَ أَوْجَهُ، وَتُحْمَلُ الْأُولَى عَلَى الْمُشَاكَلَةِ؛ أَيْ مِنَ الْأَخْذِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ سُورَةِ الطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ: (لَنَزَلَتْ) هُوَ تَأْكِيدٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرٍ بَيَانُهُ، وَلَفْظُهُ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَتْ.
قَوْلُهُ: (سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى)؛ أَيْ سُورَةُ الطَّلَاقِ بَعْدَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَالْمُرَادُ بَعْضَ كُلٍّ، فَمِنَ الْبَقَرَةِ قَوْلُهُ: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ وَمِنَ الطَّلَاقِ قَوْلُهُ: ﴿وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ وَمُرَادُ ابْنُ مَسْعُودٍ إِنْ كَانَ هُنَاكَ نَسْخٌ