أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ.
قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. لَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ ﵄. فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ﴾ حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتْ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ ﵁.
٤٩٨٧ - حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.
٤٩٨٨ - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ"
قَوْلُهُ: (بَابُ جَمْعِ الْقُرْآنِ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ هُنَا جَمْعٌ مَخْصُوصٌ، وَهُوَ جَمْعُ مُتَفَرِّقِهِ فِي صُحُفٍ، ثُمَّ جَمْعُ تِلْكَ الصُّحُفِ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ مُرَتَّبِ السُّوَرِ. وَسَيَأْتِي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ بَابُ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَاكَ تَأْلِيفُ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ أَوْ تَرْتِيبُ السُّوَرِ فِي الْمُصْحَفِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، مَدَنِيٌّ يُكَنَّى أَبَا سَعِيدٍ، ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنَ التَّابِعِينَ، لَكِنْ لَمْ أَرَ لَهُ رِوَايَةً عَنْ أَقْدَمِ مِنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ الَّذِي مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ، وَحَدِيثُهُ عَنْهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ، لَكِنَّهُ كَرَّرَهُ فِي التَّفْسِيرِ وَالْأَحْكَامِ وَالتَّوْحِيدِ وَغَيْرِهَا مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا.
قَوْلُهُ: (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ قِصَّةَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقِصَّةَ حُذَيْفَةَ مَعَ عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقِصَّةَ فَقْدِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْآيَةَ مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ فِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute